شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٥٢٣
الخطاب بشر يأباه وعوده إلى المبشر المفهوم من بشر وتخصيص البشارة بوقت الاحتضار بعيد والظاهر أن عوده إلى الرب باعتبار أنه رباهم بالعلم والكمال لا يجوز إذ الرب إذا أطلق وأضيف إلى العباد لا يراد به إلا الله عز وجل والله يعلم.
* الأصل:
555 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) قال: لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه جبرئيل بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء (عليهم السلام)، ثم رجع فحدث أصحابه أني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها، وآية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان وقد أضلوا جملا لهم أحمر وقد هم القوم في طلبه، فقال بعضهم لبعض: إنما جاء الشام وهو راكب سريع ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها، فقالوا: يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟ - قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا سئل عن الشيء لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه - قال: فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك. فالتفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها فقال: أين السائل عن الشام؟
فقالوا له: فلان وفلان. فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلا قليل (1) وهو

١ - مما لا يشك مسلم فيه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسري به ليلا إلى المسجد الأقصى كما هو نص القرآن وأنه عرج به إلى السماء والواجب على المسلم أن يؤمن به ولا يستبعد شيئا من قدرة الله تعالى ولا يحوم حول الفضول ولا يتكلف لما لا سبيل له إليه فإن الله ورسوله (عليه السلام) وأوليائه (عليهم السلام) لا يتكلمون إلا بالحق وما فيه هداية الناس إلى الصواب والسعادة ولكن الصدر الأول اختلفوا في أن معراجه (صلى الله عليه وآله) كان رؤيا النبوة أو يقظة بجسمه أو روحه نقل اختلافهم ابن إسحاق في السيرة النبوية وتوقف هو وقال الله اعلم أي ذلك كان، وبعضهم فرق فقال : اسراؤه إلى المسجد الأقصى بجسمه وعروجه إلى السماء بروحه ولا ريب أن جميع ما حكاه (صلى الله عليه وآله) مما رآه في طريق المسجد أو في السماوات كان مما يتعلق بعالم الغيب من الجنة والنار ولقاء الله تعالى وملائكته وأرواح الأنبياء وغير ذلك فيسقط السؤال عما إذا اتفق وصول الإنسان إلى السماوات هل يرى ما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) هناك؟ فنقول: لا! كما لا يرى الناس عذاب في الدنيا وكان يراه النبي (صلى الله عليه وآله) وهنا سؤال حادث في عصرنا أشكل على الناس ويسألون عنها كثيرا وكان هو الباعث لتعرضنا له وهو أن المعراج مبني على الهيئة القديمة التي ثبت بطلانها في عصرنا إذ ليس عند هل عصرنا سماء بالمعنى الذي ورد في أحاديث المعراج وليس عندهم إلا فضاء خلاء غير متناه أو غير معلوم النهاية وأقول السماوات في حديث المعراج هي السماوات الواردة في القرآن مثل قوله تعالى (والذي خلق سبع سماوات طباقا)، (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) ولا يسع لمسلم أن ينكر السماوات السبع على ما ورد في القرآن والسماوات التي عرج إليها النبي (صلى الله عليه وآله) تلك السماوات السبع التي إثباتها من ضروريات الدين ووردت في القرآن العظيم وأما الهيئة الجديدة وإنكار السماوات فكأنه خلط بين أمر حقيقي ووهم اخترعه أذهان الجهال منهم لأن غير المتناهي باطل بالبرهان اليقيني الثابت لدينا من غير شك وإن كان لبعد غوره لا يناله الإفهام السذج وكذك الخلاء ولم أر في هؤلاء من يفهم دليل المسألتين فضلا عن أن يبطلهما، وأما السماوات فزعم هؤلاء أن السماء التي يعتقدها من يعتقدها جسم ثقيل صلب من العناصر الكثيفة ولم يعقلوا أن هذه السماوات بهذه الأبعاد كيف لا يمنع أبصار الكواكب مع أن البلور والماء بل الهواء بهذا الثخن يمنع الأبصار جدا ولم يكن يخفى هذا على الحكماء وغيرهم البتة فلابد أن يعتقدوا جسم الفلك في الشفافية لا يتميز عن الخلاء الذي يتصورونه، ولذلك كانوا يسمونه بالأثير والمنصفون من أهل هذا العصر أيضا لا يأبون عن إطلاق الأثير على هذا الفضاء لأنه ليس ثقيلا كأجسام العناصر ولا خلأ محضا ولكن يتموج ويتكيف بالنور والحرارة والقوى الأخر ولو كان ما يسمونه الخلأ عدما محضا لم يتكيف بهذه القوى، والحق أن الخلاف ليس في وجود السماوات بل في ماهيتها والعوام يتوهمون شيئا والحكماء يعتقدون شيئا آخر، ولا استحالة بعد ثبوت السماوات فيما ورد من حديث المعراج، وأما حديث الخرق والالتيام فاستحالوهما في محدد الجهات ولم يدع أحد من المسلمين عروجه إلى وراء المحدد إذ لامكان وراءه (ش).
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557