النار الشديدة ومن هو معك؟ قال: نجوت من فضل ربي وهذا ملك أرسله ربي ليؤنسني ويخدمني، فقال نمرود: لقد اخترت ربا عظيما له هذه القدرة فهل تقدر أن تخرج من النار فقام (عليه السلام) ومشى على النار إلى نمرود فقام نمرود تعظيما له لما شاهد منه من الكرامة فقال: يا إبراهيم إني أريد أن أتقرب من ربك بقربان فقال (عليه السلام): إن ربي لا يقبل منك حتى تؤمن به وتقر بوحدانيته، فقال:
إني لا أومن بذلك ولكن أتقرب بقربان فقتل أربعة آلاف بقر وأربع آلاف أغنام وأباعير، وقيل: إنه أراد أن يؤمن فمنعه وزيره هارون عمه (عليه السلام) وقال له: إيمانك برب السماء بعد أن كنت رب أهل الأرض وتنزلك من الربوبية إلى العبودية مذلة لك فأخذته العزة ورجع عن إرادته ومنعه الله سبحانه عن صحبة نمرود بعد ذلك وقد آمن به خلق كثير منهم لوط وسارة.
* الأصل:
560 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن إبراهيم (عليه السلام) كان مولده بكوثى ربا وكان أبوه من أهلها وكانت أم إبراهيم وأم لوط سارة وورقة - وفي نسخة رقية - أختين وهما ابنتان للاحج وكان اللاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا وكان إبراهيم (عليه السلام) في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه وأنه تزوج سارة ابنة لاحج وهي ابنة خالته وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة وكانت قد ملكت إبراهيم (عليه السلام) جميع ما كانت تملكه فقام فيه وأصلحه وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه، وإن إبراهيم (عليه السلام) لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا وجمع له فيه الحطب والهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذاهم بإبراهيم (عليه السلام) سليما مطلقا من وثاقه فأخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عنذ ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم (عليه السلام) أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) ما ذهب من عمره في بلادهم فاخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وما له وأن يخرجوه وقال إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه صلى الله عليهما من بلادهم إلى الشام فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) يعني بيت المقدس.