تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) حيث لم يقل بروح عبده ولأن تحريك الجسم إلى مسافة بعيدة في مدة قليلة هو المستغرب الذي يحتاج إلى البيان دون تحريك الروح وقال بعض العامة: إنه كان بالروح، وقيل: إنه كان بالجسم إلى المسجد الأقصى وبالروح إلى السماء، لأن الآية خرجت مخرج الترفيع، فلو كان الجسم في حال اليقظة لقال: بعبده إلى السماء كما قال: إلى المسجد الأقصى لأنه أمدح، والجواب أن هذا لا يعارض إجماع الخاصة بل إجماع العامة لأن الخلاف بينهم منسوب إلى بعض السلف، واتفق المتأخرون من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على ما ذكرنا.
وقال بعضهم: إنه كان مرتين مرة بالروح ومرة بالجسم واختاره السهيلي جمعا بين الأقاويل وقوله:
فأتى بيت المقدس هو بفتح الميم وسكون القاف وبضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال لغتان مشهورتان فعلى التخفيف يحتمل أن يكون مصدرا كالمرجع ويحتمل أن يكون اسم مكان أي بيت المكان الذي فيه التقديس أي الطهارة إما من الأصنام أو من الذنوب، وقوله: ثم رجع دل بظاهره على أن الإسراء وقع إلى بيت المقدس فقط لا إلى السماء أيضا، ويمكن حمله على ظاهره ويكون الإسراء إلى السماء أيضا ويمكن مرة أخرى غير هذه المرة، ويمكن حمل الخبر على الاقتصار بذكر بعض أجزاء المسافة الذي تطرد عير أهل مكة إليه شهرا ذاهبة وشهرا راجعة لأن هذه المسافة كانت مأنوسة عندهم ومعلومة مدة السير فيها، وإذا علموا بأن سيره فيها ذهابا أو عودا وقع في بعض الليل وأقام الشاهد على ذلك كان ذلك أدفع لعذرهم وأوقع في قبول الحق بخلاف الأمور السماوية فإنهم لم يعاينوها ولم يشاهدوها (فقال بعضهم لبعض: إنما جاء الشام - آه) يحتمل أن يكون السائل بعض المؤمنين ويدل عليه قوله: فقالوا يا رسول الله ويؤيده ما قال بعض العامة من أنه ارتد بهذا الأخبار جمع من المؤمنين فقالوا: ما لهذا يدعي أنه خرج الليلة إلى الشام ورجع، ويحتمل أن يكون بعض الكفار وقولهم: يا رسول الله إما محمول على الاستهزاء كما في قول فرعون «إن رسولكم الذي أرسل إليكم مجنون» ويحتمل أن يكون على سبيل الموافقة والملاينة والقصد إلى تصديقه بعد التبين فلذلك آمن قليل منهم (إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا رسول هذه الشام قد رفعت لك) يحتمل أن يكون صورة الشام ومثالها ظهرت له (صلى الله عليه وآله) ويحتمل أن نفس هذه البلدة ظهرت له بإزالة الحائل بينه وبينها أو بنقلها من محلها إلى قريب منه.
* الأصل:
556 - أحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن محمد بن عبد الله، عن زرارة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال، سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا قال المؤمن لأخيه: أف خرج من ولايته وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما لأنه لا يقبل الله عزوجل من أحد