ديننا) أي مواضع علومه وهي القوانين النبوية (واستصلح ما كان فسد من دنيانا) بسب فساد الناس وشيوع الظلم والجور بينهم قبل الوحي وبعد انقطاعه (حتى استبان بعد الجور ذكرنا) بالخير والصلاح والشرف، وأريد بالجور جور هذه الأمة بعد قبض النبي (صلى الله عليه وآله) أو الأعم منه ومن جور العرب وغيرهم قبل البعثة (وقرت من رخاء العيش أعيننا) الرخاء بالضم: مصدر وفعله ككرم ورضى، وبالفتح: سعة العيش وبهم (عليهم السلام) قامت القوانين العدلية في العيش وارتفع كل ما هو سبب لضيقه من الجور والظلم والبغي والقتل والنهب وغيرها مما يبطل النظام ويشوش أحوال الأنام (لما وليتنا بالإحسان جهدك) كأنه تعليل لقوله: وبك أخرجنا الله من فظاعة تلك الخطرات وما عطف عليه «وما» مصدرية والتولية الإعطاء كما قيل في قوله تعالى: (فلنولينك قبلة ترضيها)، والجهد:
الطاقة أو الاجتهاد، والمراد به بقرينة المقام وحذف متعلقه الاجتهاد في جميع الأمور المتعلقة بصلاح الدين والدنيا ونظامهما.
(ووفيت لنا بجميع عهدك) العهد: الوصية والموثق والحرمة والمراد به جميع ما التزم (عليه السلام) تبليغه إلى الأمة (فكنت شاهد من غاب عنا) وهو النبي (صلى الله عليه وآله) أي تشهد له علينا بما جاء به لا يعزب عنك منه شيء ويمكن أن يراد بالشاهد الحاضر يعني أنك قائم مقامه (وخلف أهل البيت لنا) خلف بالتشديد من التخليف ماض معطوف على غاب وتخفيف اللام وعطف على شاهد وإرادة النبي وفاطمة (عليهم السلام) من أهل البيت بعيد (وكنت عز ضعفائنا) أي ضعيف الحال وقليل المال منا الذي لا يقدر على المدافعة عن نفسه وعرضه عزيز عندك تدفع عنه ما يوجب ذله وتجلب إليه ما يوجب عزه (وثمال فقرائنا) الثمال بالكسر: الملجأ والغياث، وقيل: هو المطعم في الشدة (وعماد عظمائنا) في الحال والشرف والمال لبقاء عظمتهم بك وبنصرك كبقاء البيوت والخيام بالعمود (يجمعنا من الأمور) عدلك في الرعية ولولا عدلك لانتشرت أمورنا وتفرق جمعنا، والمراد بالأمور: الخيرات كلها دنيوية كانت أم أخروية ومن بمعنى في كما قيل في قوله تعالى (أروني ماذا خلقوا من الأرض) وقوله (وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة).
(ويتسع لنا في الحق تأتيك) ومداراتك لأن الحاكم كان عجولا غضوبا يبطل نظامه ونظام الرعية وتذهب الحقوق جلها سيما حقوق كل منهما على الآخر (فكنت لنا أنسا إذا رأيناك) في القاموس، الانس بالضم وبالتحريك: ضد الوحشة، وفي النهاية المشهور في ضد الوحشة الانس بالضم وقد جاء فيه الكسر وأما التحريك وإن لم يكن معروفا في الرواية إلا أنه معروف اللغة لأنه مصدر أنست به أنسا وآنسته والحمل إما للمبالغة أو لأن أنسا بمعنى أنيس وسبب الأنس هو كونه (عليه السلام) في غاية الكمال في الكمالات (وسكنا إذا ذكرناك) قد مر تفسير السكن قبل ذلك (فأي الخيرات) لم تفعل (وأي الصالحات لم تعمل) أشار إلى أن كل ما يطلق عليه اسم الخير والعمل الصالح قد فعله (عليه السلام) والاستفهام للتعجب (ولو أن الأمر الذي