القابل ومن يشهد على فقره وأمثال ذلك، وبالجملة الخلق إما وال أو رعية والرعية إما ضعيفة أو قوية والكل محتاج إلى أن يعين في أداء حقه تعالى ويعان وإن كان الاحتياج متفاوتا وكل واحد من الأصناف الثلاثة (في الحاجة إلى الله عز وجل شرع سواء) يقال: الناس في هذا شرع، ويحرك أي سواء، فسواء تأكيد والغرض منه هو الحث على رعاية حقوقه عز وجل والتعاون عليها (فأجابه رجل) كأنه كان الخضر (عليه السلام) (وأحسن الثناء على الله عز وجل بما أبلاهم وأعطاهم) الإبلاء:
الاحسان والإنعام، ويحتمل أن يراد به الاختبار بالتكليف (والإقرار بكل ما ذكر) الظاهر أنه عطف على الثناء (من تصرف الحالات به وبهم) الظاهر أن ضمير به راجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وعوده إلى الرجل بعيد وتلك الحالات ما ذكره (عليه السلام) من حال الولاة والرعية وإرادة الحالات التي وقعت في عساكره (عليه السلام) من التنازع والتخالف والتخاصم في التحكيم بعيدة إلا أن يكون الفعل في قوله بما ذكر مبينا للفاعل (بك أخرجنا الله من الذل) أي من ذل الجهل والكفر إلى العلم والإيمان (وباعزازك أطلق عباده من الغل) الغل بالضم الحديدة التي تجمع يد الأسير على عنقه والمراد به غل الذنوب وبالكسر الحسد والضغن (فاختر علينا) ما شئت (وامض اختيارك) علينا فلك الإمضاء وعلينا التسليم (وائتمر فامض ايتمارك) الايتمار: المشاورة، أي شاور نفسك في أمرنا فامض ما شاورته علينا لما فيه من المصلحة العامة والخاصة.
(فإنك العامل المصدق) في القول والعمل وفي بعض النسخ القائل المصدق (والحاكم الموفق) للخير كله والصواب في الحكم (والملك المخول) أي المملك يعنى أعطاك الله عز وجل الملك ورياسة الدارين من خوله الله الشيء تخويلا إذا أعطاه إياه (لا نستحل في شيء من معصيتك) بسبب مخالفة أمرك ونهيك وغيرهما ونستحل إما من الحلال يقال استحله أي اتخذه حلالا، أو من الحلول: وهو النزول، وهذا أنسب بلفظة في ومن ليست في بعض النسخ (ولا نقيس علما بعلمك) إذ لا نسبة بين القطرة والبحر ولا بين المتناهي وغير المتناهي (يعظم عندنا في ذلك خطرك) أي قدرك ومنزلتك في العلم فذلك إشارة إليه (ويجل عنه في أنفسنا فضلك) الجليل:
العظيم، جل فلان يجل بالكسر جلالة: عظم قدره وعن للتعليل كما قيل في قوله تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة) والضمير راجع إلى العلم وعوده إلى الخطر بعيد أي يعظم من أجل علمك أو خطرك في أنفسنا فضلك وكمالك وشرفك على الخلق كلهم (فأجابه أمير المؤمنين (عليه السلام)) زجرا له عن مدحه وتنفيرا للمدوح عن حب المدح والسرور به ودخول العجب والفخر في قلبه (إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه) إذ يرى كل ما سواه محتاجا إليه خاضعا بين يديه وعظمة كل شيء مضمحلة في عظمته وذل العبودية والعجز موضوعا على رقبته وفي ذلك مراتب متفاوتة ودرجات