لصاحبنا كفو لن نقتل به إلا جعفر بن محمد وما قتل صاحبنا غيره وكان أبو عبد الله (عليه السلام) قد مضى نحو قبا فلقيته بما اجتمع القوم عليه. فقال: دعهم، قال: فلما جاء ورأوه وثبوا عليه وقالوا: ما قتل صاحبنا أحد غيرك وما نقتل به أحدا غيرك، فقال: ليكلمني منكم جماعة فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد فخرجوا وهم يقولون: شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا ولا يأمر به، انصرفوا قال: فمضيت معه فقلت: جعلت فداك ما كان أقرب رضاهم من سخطهم؟! قال: نعم دعوتهم فقلت: أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة.
فقلت: وما هذه الصحيفة جعلني الله فداك فقال: إن ام الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب فسطر بها نفيل فأحبلها فطلبه الزبير فخرج هاربا إلى الطائف فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف فقالوا: يا أبا عبد الله ما تعمل ههنا! قال: جاريتي سطربها نفيلكم، فهرب منه إلى الشام وخرج الزبير في تجارة له إلى الشام فدخل على ملك الذمة فقال له: يا أبا عبد الله لي إليك حاجة، قال:
وما حاجتك أيها الملك فقال: رجل من أهلك قد أخذت ولده فاحب أن ترده عليه، قال: ليظهر لي حتى أعرفه فلما أن كان من الغد دخل على الملك فلما رآه الملك ضحك، فقال: ما يضحكك أيها الملك؟ قال: ما أظن هذا الرجل ولدته عربية، لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط، فقال: أيها الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك فلما قدم الزبير، تحمل عليه ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثم تحمل عليه بعبد المطلب فقال: ما بيني وبينه عمل، أما علمتم ما فعل في ابني فلان ولكن امضوا أنتم إليه فقصدوه وكلموه فقال لهم الزبير: إن الشيطان له دولة إن ابن هذا ابن الشيطان ولست آمن أن يترأس علينا ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطا وأكتب عليه وعلى ابنه ألا يتصدر في مجلس ولا يتأمر على أولادنا ولا يضرب معنا بسهم، قال: ففعلوا وخط وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب وذلك الكتاب عندنا فقلت لهم: إن أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم فأمسكوا.
وتوفي مولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يخلف وارثا فخاصم فيه ولد العباس أبا عبد الله (عليه السلام) وكان هشام بن عبد الملك قد حج في تلك السنة فجلس لهم فقال داود بن علي: الولاء لنا وقال أبو عبد الله (عليه السلام): بل الولاء لي فقال داود بن علي: إن أباك قاتل معاوية، فقال: إن كان أبي قاتل معاوية فقد كان حظ أبيك فيه الأوفر ثم فر بخيانته، وقال: والله لاطوقنك غدا طوق الحمامة، فقال له داود بن علي:
كلامك هذا أهون علي من بعرة في وادي الأزرق، فقال: أما إنه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق قال:
فقال هشام: إذا كان غدا جلست لكم فلما أن كان من الغد خرج أبو عبد الله (عليه السلام) ومعه كتاب في كرباسة وجلس لهم هشام فوضع أبو عبد الله (عليه السلام) الكتاب بين يديه فلما أن قرأه قال: