قوله: (من كانت له حقيقة ثابتة) هو من رسخت ثبتت له حقيقة العهد الأول المأخوذ عليه بالولاية أو حقيقة الإيمان أو من كان طبعه مستقيما على فطرته الأصلية (لم يقم على شبهة هامدة) أي بالية زائلة باطلة من همدت النار إذا خمدت والثوب إذا بلي ولعل المراد بها شبهة المعاندين في الإمامة وغيرها من أصول الدين وفروعه (حتى يعلم منتهى الغاية) غاية كل شيء: منتهاه وقد تطلق على المسافة أيضا والإضافة على الأول بيانية وعلى الثاني لامية أي حتى يعلم غاية تلك الشبهة ومفاسدها المرتبة عليها ويعلم أن الحق وراءها.
(ويطلب الحادث من الناطق عن الوارث) أي يطلب الأمر الحادث من أمور الدين أصلا كان أم فرعا من الإمام الناطق عن الوارث وهو الله تعالى ولو بواسطة من العلماء الناقلين منهم عليهم السلام (وبأي شيء جهلتم ما أنكرتم) الظاهر أنه عطف على منتهى الغاية، أي حتى يعلم بأي سبب أنكرتم ما أنكرتم من ولاية الظالمين وهو كونهم جاهلين غاصبين للولاية غير منصوبين من قبل الله تعالى ورسوله (وبأي شيء عرفتم ما أبصرتم) من ولاية الإمام العادل العالم المنصوب بأمر الله تعالى (ان كنتم مؤمنين) يجوز فتح الهمزة ليكون تعليلا لقوله «أنكرتم، وعرفتم» ويجوز كسرها على حذف الجزاء أي إن كنتم مؤمنين تعرفون أن ما ذكرناه لا ريب فيه والله يعلم.
* الأصل:
334 - عنه، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس من باطل يقوم بإزاء الحق إلا غلب الحق الباطل وذلك قوله عز وجل: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق».
* الشرح:
قوله: (ليس من باطل يقوم بإزاء الحق الأغلب الحق الباطل) إذ الحق من حيث أنه حق ثابت في نفس الأمر يغلب الباطل من حيث أنه باطل غير ثابت فيها الضرورة أن كل ما هو ثابت يوجب زوال ضده ولا ينافي هذا غلبة الباطل واشتهاره من حيث أن طبايع أكثر الخلق مايلة إليه إذ هو مع اشتهاره مغلوب للحق زائل في نفس الأمر وذلك قوله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) القذف: الرمي بقوة والدمغ كسر الدماغ مع شق أمه وهو جليدة رقيقة كخريطة هو فيها يقال دمغه يدمغه من باب منع ونصر وأدمغه: إذا أصاب دماغه فقتله، والزهوق:
خروج الروح، والمعنى ليس من أمرنا اتخاذ اللهو بل يغلب الحق على الباطل فيبطله إلا أنه استعار له لفظ القذف والدمغ ورشح بذكر الزهوق تصويرا لإبطاله مبالغة فيه كما صرح به المفسرون.
* الأصل: