جمد وأذابه غيره وفيه دلالة على أنه في الأصل برد (فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك) كذا اسم مبهم ويجري مجرى «كم» فينتصب ما بعده على التميز، والعباب بالضم: معظم السيل وارتفاعه وكثرته أو موجه، وأول الشيء والمراد بغير ذلك سائر مراتب القلة والكثرة، كل ذلك لمصلحة لا يعلمها إلا هو (فإنه نزل لماء منهمر) ضمير المنصوب ليوم الطوفان أي نزل فيه ماء منسكب يقال:
انهمر الماء انسكب وسال وفي الكنز انهمار «ريزان شدن آب» ومثل آن (لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال فإن الله يكره ذلك) ظاهره غريب وكيفية الإشارة إليهما غير معلومة ويمكن أن يكون كناية عن نسبة منافعهما إليهما، ولو قرء بالتاء المثناة الفوقانية من شتر به كفرح إذا سبه أو من شتر فلانا إذا غته وجرحه وجعل إلى بمعنى الباء وزائدة لكان له وجه.
* الأصل:
327 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط رفعه قال: كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ابن عباس: أما بعد فقد يسر المرء ما لم يكن ليفوته ويحزنه ما لم ليكن ليصيبه أبدا وإن جهد فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم أو قول وليكن أسفك فيما فرطت فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا وما أصابك منها فلا تنعم به سرورا وليكن همك فيما بعد الموت والسلام.
* الشرح:
قوله: (أما بعد فقد يسر المرء ما لم يكن ليفوته ويحزنه ما لم يكن ليصيبه أبدا وان جهد) أي وإن اجتهد يعني أن المرء يكون من هذه الحالة وهي أنه تسره إصابة ما ينفعه ويحزنه فواته وما ينفع على قسمين أحدهما ما ينفع في الآخرة وثانيهما: ما ينفع في الدنيا والعقل اللبيب ينبغي أن يسر بإصابة الأول ويحزن بفواته وإليه أشار بقوله (فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم) بالعدل أو (قول) بالحق (وليكن أسفك وحزنك فيما فرطت فيه من ذلك) فإن هذا السرور أبدي وهذا الحزن مع كونه ندامة وعبادة موجب للزيادة والتدارك وأن لا يحزن بفوات الثاني ولا يسر بإصابته وإليه أشار بقوله (ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا وما أصابك منها فلا تنعم به سرورا) كما يسر وينعم أهل الدنيا يقال نعم العود كفرح إذا اخضر ونضر ثم أمر بما هو كالسبب لجميع ذلك.
* الأصل:
328 - سهل بن زياد، عن الحسن بن علي، عن كرام، عن أبي الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
مررت أنا وأبو جعفر (عليه السلام) على الشيعة وهم ما بين القبر والمنبر، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): شيعتك ومواليك جعلني الله فداك قال: أين هم؟ فقلت أراهم ما بين القبر والمنبر، فقال اذهب بي إليهم فذهب فسلم عليهم، ثم قال: والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم فأعينوا مع