شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٥
فإنهما تدومان أبدا وهما لا يتحققان إلا بالتذلل والتواضع والانقياد له.
ولأوليائه، وأما ما سماه الجهلة عزة فهي مع كونها عين الذلة أمر إضافي اعتباري لا حقيقة له ولذلك تكون في آن وتزول في آن آخر.
(وقال لرجل: أحكم أمر دينك كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم) إحكام أهل الدنيا أمرها مع أنها غير محكمة لسرعة زوالها بتعلق قلوبهم الضعيفة وعقولهم السخيفة بها فسعوا لجمعها وتحصيلها وحفظها من كل وجه فليكن قلبك الكامل وعقلك الفاضل متعلقا بأمر الآخرة وتحصيل مقاماتها العالية ونعمائها الكاملة الباقية فهذب نفسك عن الرذائل التي أعظمها حب الدنيا والفانيات وأعمل بالصالحات الباقيات (وإنما جعلت الدنيا شاهدا يعرف بها ما غاب عنها من الآخرة) لأن من تفكر في الدنيا وفي نعمائها الناضرة وآلائها الظاهرة وأمتعتها الفاخرة مع كونها سجنا ضيقا وبيتا منتنا ومحلا مبغوضا يبغضها الله تعالى يعرف الآخرة التي دار أحبها الله تعالى لأوليائه ويعرف قدر نعمائها وكمال آلاتها وشرف حالاتها وكمال مقاماتها ولذلك قال (فاعرف الآخرة بها) وأن الدنيا وما فيها من النعماء التي لا تحصى دليل واضح على معرفة الآخرة وما فيها من النعماء التي تعجز عن تعديدها عقول العقلاء وعن تحديدها فحول العلماء وعن معرفة تفاصيلها وكميتها وكيفيتها أذهان الأزكياء، ثم نهى عن النظر إلى الدنيا وتعليق القلب بزينتها الخداعة فقال (ولا تنظر إلى الدنيا إلا باعتبار) منها ومن زينتها الفانية إلى الآخرة وزينتها الباقية، وقد تكرر الأمر بالاعتبار في الأحاديث وله وجوه منها: النظر إلى الدنيا وتغيير أحوالها في نفسها فإنه يوجب الانقطاع منها إلى الآخرة، ومنها النظر إلى شدائدها الزائلة فإنه يوجب الإنتقال إلى شدة شدائد الآخرة الباقية والتحرز عما يوجبها، ومنها النظر إلى نعيمها وزينتها الداثرة مع كونها مبغوضة فإنه يوجب الإنتقال إلى كمال نعيم الآخرة وزينتها الدائمة والاجتهاد لها، ومنها النظر إلى أحوال الماضين وما كانوا فيه من خضرة الأحوال وسعة الأرزاق والأموال وقطع أيديهم منها اضطرارا بالموت وسكونهم في التراب وفراقهم من الأحباب واشتغالهم بما معهم من الخير والشر والثواب والعقاب فإنه يوجب تبرد القلب، منها والميل إلى الآخرة التي هي دار القرار ومن ثم قيل الدنيا واعظة لمن اتعظ منها فمن لم يتعظ منها ولم يجعلها على الآخرة دليلا فهو كالحمار بل هو أضل سبيلا.
* الأصل:
338 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لحمران بن أعين: يا حمران انظر
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557