* الأصل:
201 - علي، عن علي بن الحسين، عن محمد الكناسي، قال: حدثنا من رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز ذكره: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» قال: هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا ويقتبسون من علمنا فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلونه إليهم فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء، فأولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.
وفي قول الله عز وجل: (هل أتاك حديث الغاشية)؟ قال: الذين يغشون الإمام إلى قوله عز وجل:
(لا يسمن ولا يغني من جوع) لا ينفعهم ولا يغنيهم، لا ينفعهم الدخول ولا يغنيهم القعود.
* الشرح:
قوله: (قال: هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء) إشارة إلى من الموصولة والجمع باعتبار المعنى والمراد بالضعف: ضعف حالهم في الدنيا للفقر كما فسره بقوله (ليس عندهم ما يتحملون به إلينا) التحمل: تكلف حمل شيء أي ليس عندهم ما يتحملون به المسير إلينا من الزاد والراحلة وغيرهما من أسباب السفر (فيسمعون حديثنا) متفرع على المنفى (ويقتبسون من علمنا) اقتبس العلم استفاده (فيرحل قوم فوقهم) فوقية دنيوية بالغناء والمال، ولعل المراد بالقوم أهل الخلاف كالزيدية والإسماعيلية والفطحية والواقفية وأمثالهم، ولو أريد بهم الإمامية أو الامامية أيضا ينبغي حمل التضييع على تضييع العمل بالمروي أو على الأعم منه ومن إنكاره، إلا أنه يرد أن الإمامية الناقلين إن عملوا كانوا مندرجين تحت الآية كالضعفاء بل هم أولى بالدخول، والضعفاء إن لم يعملوا كانوا خارجين عنها، فالفرق بينهما بأن الناقلين خارجون والمنقول إليهم داخلون غير واضح فليتأمل (وينفقون أموالهم) بتجهيز أسباب السفر (ويتعبون أبدانهم) بتحمل مشاقه (حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم) أي إلى شيعتنا الضعفاء (فيعيه هؤلاء) أي يحفظه الشيعة الضعفاء (ويضيعه هؤلاء) أي الأغنياء (فأولئك الذين يجعل الله لهم مخرجا) من الضيق ويرزقهم رزقا روحانيا وهو العلم بالشرع والعمل به (من حيث لا يحتسبون) رزقهم منه، وبالجملة لما دلت الآية الكريمة على أن التقوى: وهي التحرز من الكفر مطلقا وما يوجب التأثم والشغل بغير الله تعالى سببا للرزق الجسماني والروحاني بتوارد الفيض الرباني من حيث لا يحتسبون أشار (عليه السلام) إلى أن من اتصف بها هم الشيعة وإن من جملة رزقهم الذي يأتيهم من حيث لا يحتسبون تعلمهم