كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين (عليه السلام) وهكذا كان في سابق علم الله عز وجل الذي أعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين (عليه السلام) وخرج الملك من بني هاشم فقد كان ذلك كله.
قلت: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل) قال: الفئتان إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة، وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين، وهي الفئة الباغية كما قال الله تعالى فكان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة إنما من عليهم وعفى وكذلك صنع أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله) بأهل مكة حذوا النعل بالنعل.
قال: قلت: قوله عز وجل: «والمؤتفكة أهوى» قال: هم أهل البصرة هي المؤتفكة، قلت: « والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات»؟ قال: اولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم.
* الشرح:
قوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) ذكر الثلاثة والخمسة دون الاثنين والأربعة لأن الله تعالى وتر يحب الوتر مع الإشعار بذكر الزوج بعد الاستثناء إلى أن شيئا من العدد لا يخلو من الازدواج معه كما صرح في قوله (ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم) للتعميم بعد التخصيص (أينما كانوا من فوق الأرض وتحتها وشرقها وغربها والخلاء والملاء (ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة) من خير وشر ويجزيهم به (إن الله بكل شيء عليم) إشارة إلى أن المراد بكونه معهم علمه محيطا بظواهرهم وضمائرهم لا معية زمانية أو مكانية (لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا) أي تعاهدوا في حجة الوداع في الكتاب إلى منع اجتماعهما في بني هاشم حسدا وعنادا وعداوة وحبا للدنيا وميلا إلى كون الخلافة في قريش لئلا تذهب مكر متهم في العرب (فأنزل الله عز وجل فيهم هده الآية) توبيخا ووعيدا لهم والآية وإن نزلت فيهم مضمونها عام ولا ينافي خصوص السبب عمومها ولا يخصصه.
(قال: قلت: قوله عز وجل أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون) هم أبرموا أمر التعاهد ورد الخلافة عن بني هاشم وأحكموا ذلك بزعمهم والله سبحانه أبرم وأحكم أمر الخلافة في أهلها (قال أبو عبد الله (عليه السلام) لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين (عليه السلام). انتها) شبه يوم قتل الحسين (عليه السلام) بيوم كتب فيه الكتاب في كونه مصيبة عظيمة وبلية شديدة على الهاشمين