الصالحة وترك لوازم حب الدنيا لتحصيل النجاة من سوء العاقبة (ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة) الفادحة: النازلة الثقلية، وفوادح الدهر: خطوبه، فدح كمنع ثقل والظاهر أن بوائق عطف على نزول لا على فادحة لأن ذكر حادثة يتأبى عنه والبائقة: النازلة: وهي الداهية والشر الشديد، يقال: باقت الداهية إذا نزلت والجمع البوائق، وفي ذكر عدم الخوف مما ذكر ترغيب في الخوف منه وتنفير عن تركه المستلزم للميل إلى الدنيا والمعاصي التابعة لها.
(طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس)، أي الجنة أو طيب العيش في الدنيا والآخرة له، وفيه حث على الخوف من عذاب الله لأنه الموجب للامتثال بأوامره والاجتناب عن نواهيه وزجر عن خوف الناس لأنه يوجب التشبث بأطوارهم والتباعد عن خوف الله تعالى (طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه)، حرض المكلف على الاشتغال بعيوب نفسه واصلاحها والإعراض عن ذكر عيب غيره من المؤمنين خليقتة كانت أو كسبية إلا ما استثنى، وخص ذلك بالمؤمن إذ لا حرمة للكافر (طوبى لمن تواضع لله عز وجل) بالعبادة مع التذلل والخشوع له (وزهد فيما أحل الله له) من متاع الدنيا لعلمه بأنه يشغله عن الله تعالى وعن أمر الآخرة، والزهد في الشيء خلاف الرغبة فيه وفعله من باب منع وسمع وكرم (من غير رغبة عن سيرتي) أي طريقتي وهيئتي والرغبة عنها، إما بإنكارها أو بترك التمسك بها والبلوغ إليها وإن لم يكن لأحد لكن ينبغي طلب التشبه به وعدم ترك الميسور بالمعسور (ورفض زهرة الدنيا) أي زينتها ومتاعها مطلقا سواء أحل له أم لا من غير تحول عن سنتي وهي الشريعة التي جاءته من عند الله تعالى، وإنما خص البشارة بغير الراغب عن سيرته وغير المتحول عن سنته إذ الزهد ورفض الدنيا لا ينفعان لهما بل يلحق بهما خسران الدنيا والآخرة (واتبع الأخيار من عترتي من بعدي) في سيرتهم ودينهم وعقائدهم وأقوالهم وأعمالهم، والعترة بالكسر: نسل الرجل ورهطه وعشيرته وأشرف عترته علي (عليه السلام) (وجانب أهل الخيلاء)، المتكبرين (والتفاخر) بالحسب والنسب والجاه والمال وغيرها (والرغبة في الدنيا) بطلبها زائدة عن قدر الكفاف وإن كانت مباحة (المبتدعين خلاف سنتي) كأصحاب الرأي والقياس والأهواء النفسانية (العاملين بغير سنتي) إن ابتدعه غيرهم كاتباع المبتدعين ومن ابتدعه وعمل به جامع للرذيلتين وفي بعض النسخ «بغير سيرتي». إنما بشر من جانب هؤلاء لأن صحبتهم شوم وأمراضهم مسرية مهلكة، قلما يتخلص جليسهم عن صفاتهم وآدابهم (طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية فأنفقه في غير معصيته وعاد به على أهل المسكنة) عاد معروفة عودا أفضل وأعطى والاسم العائدة وذكر أهل المسكنة من باب ذكر الخالص بعد العام للاهتمام والترغيب في إعطاء المساكين وفيه وعد لمن اكتسب