شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٩٩
* الأصل:
189 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا عن زيد الشحام، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إني لا أكاد ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء آخذ به، قال: اوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه، وإياك أن تطمح نفسك إلى من فوقك، وكفى بما قال الله عز وجل لرسوله (صلى الله عليه وآله): «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم» وقال الله عز وجل لرسوله: «ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا» فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده وإذا اصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه وآله) فان الخلق لم يصابوا بمثله (صلى الله عليه وآله) قط.
* الشرح:
قوله: (اوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والاجتهاد) أوصاه بأربع خصال مشتملة على جميع ما هو مطلوب من الإنسان: الأولى: التقوى: وهي ملكة تورث الخوف من الله تعالى والاجتناب عن المحارم والإتيان بوظائف الطاعات كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله «عباده الله إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه وألزمت قلوبهم مخافته حتى أسهرت لياليهم وأظمأت هواجرهم، الحديث» الثانية: صدق الحديث النافع في الدنيا والآخرة، وهو من توابع العدل المتوقف على استقامة القوى العقلية والغضبية والشهوية، إذ لو فسدت أحداهما وقع الكذب في اللسان كثيرا، الثالثة: الورع وهو ملكة التحرز عن المشتهيات ولذات الدنيا وإن كانت مباحة، الرابعة: الاجتهاد في العلم والعمل (وأعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه) لأن الخير المختلط بشر شران ساويا أو زاد الشر ومشوب مختلط إن زاد الخير، والله سبحانه لا يتقبل إلا الخالص، ولأن الاجتهاد ميل إلى الآخرة وترك الورع ميل إلى الدنيا فيذهب هذا بذاك، ومن ثم قيل الميل إلى الدنيا والآخرة لا يجتمعان. (وإياك أن تطمح نفسك إلى من فوقك)، طمح بصره إليه من باب منع:
امتد وارتفع وأشرف، وأصله قولهم: جبل طامح: أي طائل مشرف وفيه تحذير للانسان من أن ينظر إلى من فوقه ويتمنى ما عنده من نعمه ومتاع الدنيا ويطلب اللحاق به، لأنه ربما يقع في الحرام ولا يبالي ويشقى بذلك وربما لا يتيسر له اللحاق فيموت غما أو حسدا، وهو على التقديرين يبعد من الدين ويصير من الهالكين وإذا نطر إلى من هو دونه عرف قدر نعمه الله عليه والتزم شكر المنعم وطاعته، هذا حال الناظر إلى متاع الدنيا وأما الناظر إلى الطاعة والعلم والزهد ينبغي أن يكون الأمر بالعكس (وكفى بما قال الله عز وجل لرسوله (صلى الله عليه وآله) (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) كفى هذا القول الكريم زجرا عن الطموح
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557