ومنعا من النظر والأشرف إذا المقصود منه نصيحة الأمة إذ قدس ذاته (صلى الله عليه وآله) ارفع من أن ينظر إليهم ويتمنى ما هم عليه من النعمة الفانية، ولو فرض أنه المقصود من هذه النصيحة فغيره أولى بها ( وقال الله عز وجل (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا)) نصب زهرة بمقدر دل عليه المذكور وهو متعنا وفيه وجوه آخر ذكرها المفسرون وإنما نهاه (صلى الله عليه وآله) عن مد النظر إلى ما متع به أصنافا من الكفرة وغيرهم من زهرة الدنيا وزينتها وتمنيه أن يكون له مثله لأن ذلك يوجب فساد القلب وحب الدنيا وكثرة الذنوب والبعد عن الآخرة التي هي دار المتقين (فإن خفت شيئا من ذلك) أي من الطموح ومد العينين (فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه وآله). آه) الوقود كالصبور: الحطب والسعف، محركة جريد النخل أو ورقة أمر بذلك فإن ذكر عيشه وقناعته وصبره على الجوع وتركه الدنيا ولذات نعيمها مع أن الدنيا وما فيها خلقت له يسهل الصبر على ضنك المعيشة والإعراض عن زهرات الدنيا ويزيل حبها عن القلب (وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه وآله)) بذلك يسهل الصبر على المصيبة الحاضرة لأن المصيبة الصغرى لاقدر لها عند المصيبة الكبرى وفيه حث على الصبر في مواطن المكروه وزجر عن الجزع منه بتذكر تلك المصيبة التي لا أعظم منها ومن المجرب أن تذكر المصائب الواردة على الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) هانت له صورة مصائب الدنيا كلها.
* الأصل:
190 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن السري، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته وذلك حين رجع من حجة الوداع فوقف علينا فسلم فرددنا (عليه السلام)، ثم قال: مالي أري حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب، وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سفر عما قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم ويأكلون تراثهم، فيظنون أنهم مخلدون بعد هم هيهات هيهات] أ [ما يتعظ آخر هم بأولهم لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله وأمنوا شر كل عاقبة سوء ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة.
طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس.
طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه.
طوبى لمن تواضع لله عز ذكره وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي واتبع الأخيار من عترتي من بعدي وجانب أهل الخيلاء ولا تفاخر والرغبة في الدنيا، المبتدعين خلاف سنتي العاملين بغير سيرتي.