حلالا وأنفقه في وجوه البر بالأجر الجميل والثواب الجزيل. (طوبى لمن حسن مع الناس خلقه وبذل لهم معونته وعدل عنهم شره) رغب في ثلاث خصال بها نظام الدنيا وكمال الدين، الأولى:
حسن الخلق مع الناس أن يخالطهم بالجميل والتودد والرأفة واللطف وحسن الصحبة والعشرة والمراعات والرفق والصبر والاحتمال لهم والاشفاق عليهم وبالجملة حسن الخلق تابع لاستقامة جميع الأعضاء الظاهرة والباطنة. الثانية: بذل المعونة لهم في أمر الدين والدنيا وهي اسم من أعانه إذا أمده ونصره ووزنها مفعلة بضم العين، وبعضهم يجعل الميم زائد ويقول هي فعولة، الثالثة: دفع شره وشر غيره عنهم ولهذه الخصال فوائد لا تحصى (طوبى لمن اتفق القصد): وهو التوسط بين الإسراف والتبذير وبدل الفضل وهو الزائد على قدر الكفاف، وإنفاقه ينشأ من العلم بأن الزائد لا يحتاج إليه في البقاء مع ترتب الثواب الجزيل عل انفاقه في دار الجزاء (وأمسك قوله عن الفضول) وهو ما لا ينفع سواء ضر أم لا، لأن المؤمن لا يلوث لسانه بما لا ينفع ما يضر (وقبيح الفعل) كأنه عطف على أمسك بتقدير فعل يدل عليه المذكور أي أمسك عن قبيح الفعل وهو ما يذم به عقلا وشرعا وعطفه على الفضول بحمل الفعل على فعل اللسان يأباه ظهور عموم الفعل ولزوم التكرار وتخصيص الفضول بالمباح خلاف الظاهر.
* الأصل:
191 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد رفعه، عن بعض الحكماء قال: إن أحق الناس أن يتمنى الغنى للناس أهل البخل لان الناس إذا استغنوا كفوا من أموالهم وإن أحق الناس أن يتمنى صلاح الناس أهل العيوب لأن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم وإن أحق الناس أن يتمنى حلم الناس أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفي عن سفههم فأصبح أهل العيوب يتمنون فسقهم وأصبح أهل الذنوب يتمنون سفههم وفي الفقر الحاجة إلى البخيل وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب وفي السفه المكافاة بالذنوب.
* الشرح:
قوله: (فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس) والحامل لهم على ذلك وجوه: الأول: إن صفة البخل يقتضي الحرص في جمع المال وضبطه فيحب البخيل جمعه لنفسه. الثاني: إنها تقتضي الحسد، والحسد يقتضي حب زوال النعمة عن الغير وبقائهم على الفقر، الثالث: إنها تابعة لطلب العزة بكثرة المال فيجب أن يكون سبب العز وهو المال كله له، الرابع: إنها صفة مستحسنة عند البخيل فيجب أن تكون تلك الصفة للجواد الوهاب أيضا (وأصبح أهل العيوب يتمنون فسقهم) لتحصل بينهم المشاركة في نوع من العيب ويمكن لهم المقابلة بالتعيير في وقت ما (وأصبح أهل الذنوب يتمنون سفههم طلبا) للمشاركة لما مر ولعل المراد بالذنوب: السفه تسمية للسبب باسم المسبب والسفه: التمني