كما قال الله عز وجل (ودوا لو تدهن فيدهنون) و «ترك نصيحت كردن وفروتنى كردن».
(ليتوقع عقوبتي) في الآخرة (وينتظر إهلاكي إياه) في الدنيا (سيصطلم مع الهالكين) الاصطلام الاستيصال والظرف حال.
(طوبى لك يا ابن مريم) أي طيب العيش والخير كله لك في الدنيا (ثم طوبى لك) في الآخرة، وفي لفظ ثم إشارة إلى التفاوت بين الحالين مع احتمال الإشارة إلى تفاوت المقامات العالية في الآخرة (إن أخذت بأدب إلهك) في كنز اللغة أدب «طور وكار پسنديده» والمراد به ما أمر الله تعالى به من الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة وغيرها.
(الذي يتحنن عليك ترحما) التحنن التعطف والترحم فقوله «ترحما» منصوب على أنه مفعول مطلق أو على التميز (وبدأك بالنعم منه تكرما) لأن أكثر نعمائه تعالى على العبد من حيث التكرم والتفضل من غير سبق واستحقاق خصوصا نعمه تعالى بالنسبة إليه (عليه السلام) فإنها كثيرة غير محصورة (وكان لك في الشدايد لا تعصه) لأن دواء الشدائد البدنية والروحانية كلها بيد الله تعالى وهو الدافع له ووصف الاله بالأوصاف الثلاثة المذكورة للتنبيه على أن الإله المتصف بهذه الصفات بحسب الأخذ بآدابه، ولعل قوله «لا تعصه» استيناف كأن سائلا سأل بقوله ما الأدب: فأجاب بأنه لا تعصه، فترك العصيان من جميع الوجوه هو الأدب وهو يتوقف على استعمال القوة النظرية والعملية فيما هو مطلوب له تعالى من العقايد والأخلاق والأعمال وصرفهما عما هو مكروه لئلا يتحقق حقيقة العصيان.
(يا عيسى فإنه لا يحل لك عصيانه قد عهدت إليك) التفات من الغيبة إلى التكلم (كما عهدت إلى من كان قبلك) العهد: الوصية، يقال عهد إليه بعهد من باب علم إذا أوصاه وعهدت إليه بالأمر:
قدمته، وفي التنزيل (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان) والعهد: الأمان والموثق والذمة، وفيه إشارة إلى أن هذا العهد مأخوذ منه ومن جميع الأنبياء والرسل، والوفاء به مطلوب كما قال عز وجل (أوفوا بعدي أوف بعهدكم) والوفاء بعهدهم هو الجزاء بالقرب والإحسان والإكرام والإنعام، وفي قوله (وأنا على ذلك من الشاهدين) حث على الوفاء به لأنه إذا كان هو الشاهد على أمر لا يتصور الحيف والجور لا في الشهادة ولا في المشهود به ولا في المشهود عليه، وفي لفظة «من» إشارة إلى أن عليه شهودا أخر وهم الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون بعضهم على بعض.
(يا عيسى ما أكرمت خليقة بمثل ديني ولا أنعمت عليهم بمثل رحمتي) في كنز العمال: «اكرام:
بزرك كردن وبرداشتن ونواختن وبخشش كردن، وإكرامه وإنعامه تعالى على عباده وإمائه في الكثرة على حد لا يبلغه عقول العارفين ولا يحيط به وهم الحاسبين، وأعظمها إكرامهم بالدين وهدايتهم إليه وتوفيقهم للأخذ به وإنعامهم بالرحمة الواسعة المقتضية للعفو ورفع الذنوب، ويحتمل أن يراد بالرحمة الرسول وإرساله.
(يا عيسى اغسل بالماء منك ما ظهر) من النجاسات البدنية (وداو