شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١١٢
السر ولو وقع الاختلاف كان ذلك خيانة ونفاقا.
ثم أشار إلى ما هو المقصود من هذا الإجمال على الترتيب بقوله: (واطو قلبك ولسانك عن المحارم وكف بصرك عما لا خير فيه) حيث أمر باستقامة هذه الجوارح وحفظها عن المحارم في جميع الأحوال وهذا إنما يتحقق لمن طاب خلقه وطهرت سجيته وصلحت سريرته وحسنت علانيته.
ولما كان أكثر ورود الشهوات إلى النفس من جهة النظر وطريق الإبصار بالغ في كف البصر عن النظر إلى ما لا ينبغي وذكر بعض مفاسده تحذيرا عنه بقوله: (فكم من ناظر نظرة) واحدة (قد زرعت) أي أنبتت وأنمت يقال زرع الله الحرث إذا أنبته وأنما (في قلبه شهوة) هي اشتياق النفس إلى الشيء وذلك الشيء شهي مثل لذيذ وزنا ومعنى، وفيه استعارة تمثيلية متضمنة لتشبيه الأجزاء بالأجزاء حيث شبه الشهوة بالبذر والقلب بالأرض والنظرة بالزراع.
(ووردت به موارد حياض الهلكة) عطف على زرعت صفة أخرى للنظرة تابعة للأولى لأن الزارع يحتاج إلى ماء يسقى به زرعه وضمير به راجع إلى الناظر موافق للسابق أو إلى قلبه والموارد جميع مورد وهو موضع الورود على الماء وبلوغه والحياض بالكسر جمع حوض والمراد به هنا مجتمع الماء الكثير لسقي الزرع ونحوه، والهلكة محركة: الهلاك، والإضافة الأولى لامية، والثانية من باب لجين الماء، وجعلها لامية وحمل الهلكة على أنها جمع هالك وإرادة المعاصي والذنوب من الحياض على سبيل الاستعارة محتمل بعيد.
(يا عيسى كن رحيما مترحما) على الخلق، والترحم أخص من الرحمة لدلالته على الزيادة فيها أو على صيرورتها ملكة مع احتمال المباينة بحمله على إظهار الرحمة (وكن كما تشاء أن يكون العباد لك) فارض لهم ما ترضى لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك واصنع لهم ما تريد أن يصنعوا لك من التواضع والإحسان والرفق والتعظيم والتوقير، وهذا هو الإنصاف والعدل (وأكثر ذكرك الموت) فإن ذكره يسهل ترك الدنيا وزهراتها ويبعث النفس على طلب الآخرة وما يفضي إلى أعلى درجاتها، وفي الخبر أنه «خرج النبي (صلى الله عليه وآله) فرأى الناس كأنهم يكشرون] الكشر الضحك السهل [قال:
أما أنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى فأكثروا ذكر هادم اللذات» (ومفارقة الأهلين) ليسهل مفارقتهم بالاضطرار ولئلا يشغلوك عن الله وأمر الآخرة (ولا تله فإن اللهو يفسد صاحبه) ظاهره وباطنه. لهى عنه كرضى: غفل وترك ذكره، واللهو هنا إما مصدر يعني «بازى كردن وغافل شدن ومشغول شدن بباطل وبهر چه از كار خير باز دارد» أو غير مصدر يعني «بازى وباطل وچيزى كه از كار خير باز دارد» كذا في كنز اللغة.
(ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد) نهاه عن الغفلة عنه تعالى أو عن الشرع وأحكامه وما يقتضيه من الأعمال أو عن اغترار الدنيا ومكائد النفس والشيطان أو عن الجميع، وعلله تحذيرا عنه بأنه يوجب البعد منه تعالى وهو عند العارف أشد العذاب
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557