شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٠٥
العبد إليه عز وجل بالنوافل والقيام بها والثبات عليها تقربا معنويا ويتصل به اتصالا روحانيا حتى يصير قوله كقوله وفعله كفعله وأمره كأمره فيصدر عنه حينئذ أمور غريبة وأفعال عجيبة، وفيه تشبيه لقربه بالقرب المكاني للإيضاح (وتوكل علي أكفك) أمره بالتوكل وضمن له الكفاية فإنه إذا توكل العبد عليه وصرف قلبه إليه وسكن سره واستقر أمره وأعرض عن أمور الدنيا وعكف بين يديه وقام بامتثال أوامره وترك نواهيه كفاه الله تعالى مهمات دنياه وأخراه كما قال في التنزيل (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
(ولا تول غيري فاخذلك) أي لا تتخذ غيري وليا ناصرا فأخذلك وأترك نصرتك وعونك وأكلك إلى ذلك الغير وهو لا يقدر على شيء.
(يا عيسى اصبر على البلاء) الصبر على البلاء أمر العقلاء، إذ العاقل يعلم أن البلاء جار لا يدفعه الجزع فيصبر، وإن الجزع والاضطراب بلاء على بلاء فيصبر ويحترز عن تضعيفه وإن البلاء يوجب رفع الدرجات على تفاوت مراتبها والصبر يقتضي الوصول إلى أعلاها فيختار الصبر للوصول إليه وأن الصبر مفتاح الفرج فيصبر طلبا له ولما لم يكن الصبر على البلاء موجبا للرضاء به أمره به فقال:
(وارض بالقضاء) القضاء الأمر والحكم والخلق على وفق التقدير الأزلي فالقدر بمنزلة الأساس والقضاء بمنزلة البناء وهو إقبال القلب إلى الواردات من الحق وتلقيها بالقبول والسرور بها لكونه هدية منه تعالى ثم الرضاء والسرور بالواردات المحبوبة للنفس مثل الصحة والسعة سهل عليها لأنها موافقة لطبعها وأما الرضا بالواردات المكروهة فمشكل، ويمكن دفعه بأن الرضاء ثمرة المحبة البالغة، ومحبة العبد للرب إذا بلغت حد الكمال يمكن أن يرجح إرادته على إرادة نفسه بل يمكن أن لا يرى لنفسه مرادا غيره تعالى لاستغراقه في بحر المحبة.
(وكن كمسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى) أمره بكونه دائما لما يوجب سروره تعالى فيه، ثم بين ما يوجبه بأنه الطاعة مطلقا بجميع أنواعها من غير اقتراف معصية.
(يا عيسى أحي ذكري بلسانك) تشبيه الذكر بالميت في سقوطه وسكونه وعدم اعتباره عند أكثر الخلق مكنية وتعلق الإحياء به تخييلية، وذكر اللسان تجريد.
(وليكن ودي في قلبك) كأنه إشارة إلى أن ذكر اللسان ليس ذكرا حقيقة ما لم يكن القلب متيقظا ولم يكن المذكور ووده فيه فإن الذكر اللساني عبادة وكون المذكور وحبه في القلب روح لها وسبب لحياتها وحياة القلب وبه يبلغ العبد مقام القرب، ولا خير في عبادة لا روح لها.
(يا عيسى تيقظ في ساعات الغفلة) هي ساعات النوم وساعات الاشتغال بالضروريات من الدنيا وبأمور الخلق، والمراد بالتيقظ في هذه الساعات ذكره تعالى والإتيان بوظايف الطاعات وغيرها مما يوجب القرب بالحق والحذر مما يوجب البعد منه (واحكم لي لطيف الحكمة) أي أحكم لأجلي أو لرضاي في قلبك الحكمة اللطيفة الدقيقة وهي العلم بما ينفع في الآخرة والأسرار
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557