المثوبات (فما وضع آجرة على آجرة) في المصباح: الآجر اللبن إذا طبخ، بمد الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف، الواحد آجرة وهو معرب (ولا لبنة على لبنة) اللبن ككتف: المضروب من الطيب مربعا للبناء ويقال فيه بالكسر وبكسرتين فكابل لغة والواحدة لبنة بفتح اللام وكسر الباء ويقال بكسر اللام وسكون الباء، ولبنه تلبينا اتخذه، والمقصود أنه (عليه السلام) ما اشتغل بعمارة الدنيا ولم ينفق بالهوى في عمارتها لأنها مبغوضة لله منذ خلقها إذ هي سبب انقطاع عباده عن عبادته، ولهذا لما بنى النبي (صلى الله عليه وآله) مسجده اقتصر فيه وقال «عريش كعريش موسى» ولم يشتغل فيه بالتشييد وزخرف الدنيا مع كونه مسجدا فما ظنك بغيره وروى من طرق العامة أنه (صلى الله عليه وآله) مر يوما بقبة مرتفعة فقال: لمن هذه؟ فقيل: لفلان، رجل كان يدخل عليه ويقربه ويقبل عليه فدخل عليه الرجل بعد ذلك اليوم فلم يلتفت إليه فسأل عن سبب إعراضه عنه فقبل أنه رأى قبتك فذهب الرجل فهدمها وسواها بالأرض، فلما علم النبي (صلى الله عليه وآله) بصنيعه عاد فأقبل عليه.
(ولا أقطع قطيعة) لنفسه مع أن ذلك كان جايزا له ولم يفعل لزهده في الدنيا. يقال: أقطعه الإمام الأرض إقطاعا إذا جعل له غلتها رزقا، واسم تلك الأرض التي تقطع قطيعة.
(فيضرب به الأرض) أي يضعه عليها.
(ويقول من يطيق هذا) إذا قال سيد العابدين ذلك فغيره أولى بالاعتراف بالعجز فعلم منه أنه لم يكن أحد من الأولين والآخرين في قوة العمل مثل أمير المؤمنين (عليه السلام) مع كمال زهده في الدنيا فإن لم يكن لك قوة مثل قوته فتشبه به ولا تترك الميسور بالمعسور.
* الأصل:
101 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان قال: حدثني علي بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن جبرئيل (عليه السلام) أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخيره وأشار عليه بالتواضع وكان له ناصحا، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل أكلة العبد ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تبارك وتعالى، ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا فقال: هذه مفاتيح خزائن الدنيا بعث بها إليك ليكون لك ما أقلت الأرض من غير أن ينقصك شيئا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في الرفيق الأعلى.
* الشرح:
(إن جبرئيل (عليه السلام) أتى رسول الله (قدس سرهما)) فخيره بين قبول ملك الدنيا وخزائنها وتركها (وأشار عليه بالتواضع لله تعالى) بترك قبولها وقد مر ذلك مع شرحه في باب التواضع من الأصول (وكان له ناصحا) فلم يصدر الإشارة منه بالتواضع والترك من باب الغش بل صدر لمحض النصيحة الخالصة لعلمه بأن ذلك خير له في الدنيا والآخرة (ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا..) قال