آخر له فليتأمل.
قوله (وأمره أن يكفنه) فيه خمسة أمور من أمور سنن الكفن والدفن وهو ظاهر.
قوله (وان يربع قبره ويرفعه أربع أصابع) أختلف الأصحاب والاخبار في كونها مفرجات أو مضمومات وما في بعض الروايات من رفعه بشبر يقوى الأول لأنه أقرب إليه كما يقوى الثاني رواية سماعة عن الصادق (عليه السلام) قال: «يستحب أن يرفع القبر من الأرض قدر أربع أصابع مضمومة» والكل جائز وفيه رد على العامة فإن بعضهم قالوا بالتسوية وأكثرهم ذهبوا إلى التسنيم.
قوله (ثم يخلى عنه) دل على رجحان ترك التجصيص والتطيين والبناء وحكى في الذكرى عن الشيخ أن المكروه تجصيصه بعد اندراسه لا ابتداء لما روى أن الكاظم (عليه السلام) أمر بعض مواليه بتجصيص قبر ابنة له ماتت وكتب اسمها على لوح وجعله في القبر وفي المنتهى حمل الأمر بالتجصيص في هذا الحديث على التطيين وحكم بكراهية التجصيص مطلقا والتطيين بعد اندراسه لا ابتداء. وقال بعض المحققين في قول الشيخ قوة خصوصا إذا كان المراد به دوام تميزه ليزار ويترحم وقد يقال الكراهة مختصة بما عدا قبور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لاطباق السلف والخلف على فعل ذلك بها ولأن فيه تعظيما لشعائر الله ولفوات كثير من المقاصد الدينية بترك ذلك وعلى هذا ما في الرواية من الوصية بالتخلية يحمل على الجواز دفعا لتوهم الوجوب وإن لم يذهب إليه أحد.
قوله (ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه) لأنه لو أمره بذلك من غير شهود لفعله فالاشهاد عليه بحسب الظاهر غير مفيد.
قوله (فقال أني كرهت أن تغلب وأن يقال إنه) ذكر للاشهاد فائدتين أحدهما أن لا يغلب في تربيع قبره ورفعه بقدر أربع أصابع لأنهم يستوونه أو يسنمونه كما عرفت وأخريهما أن يقال لم يوص إليه ولا يستدل بذلك على عدم خلافته فأوصى إليه ليستدل بالوصية الظاهرة على الوصية الباطنة وهي الخلافة وقد أشار إلى ثمرة الفائدتين بقوله: فأردت أن يكون لك حجة يعني على التربيع والرفع والخلافة لأن الوصية الظاهرة دليل على الخلافة.
قوله (فهو الذي) ضمير هو راجع إلى الإمام بعد مضي إمام، أو إلى الوصي الذي عبارة عن الخليفة، والمآل واحد.
قوله (فإن أشرك في الوصية) أي فإن أشرك الإمام وغيره في الوصية الظاهرة فكيف يستدل بها على الإمام وتميزه عن غيره؟ فأجاب (عليه السلام) بأنكم تسألونه أي الوصي الصادق على كل واحد منهما عن الحلال والحرام والمسائل الدينية والأمور العقلية فإنه سيبين لكم الإمام عن غيره إذ بالسؤال والعلم يعلم المحق والمبطل ويميز بينهما والقادر على المعرفة بهذا الوجه إنما هو العالم الماهر