فإذا ميزه وجب على الغير اتباعه كما قالوا مثل ذلك في إعجاز القرآن وإعجاز ما هو شبيه بالسحر كإعجاز موسى وعيسى (عليهما السلام).
* الأصل:
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ قال: إن عليا (عليه السلام) كان عالما والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك؟ فقال: هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، قال: قلت: فإذا قدموا بأي شيء يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة.
* الشرح:
قوله (بلغنا شكواك) في النهاية: الشكوى المرض، وفي الصحاح: الشكوى اسم من شكوت فلانا أشكوه شكوا إذا أخبرت عنه سوء فصله وقد يطلق الشكوى على المكروه والبلية، والمراد بالإشفاق الخوف من موته (عليه السلام) أو من الضلالة بعده، والترديد في قوله: أو علمتنا من الراوي والمراد بقوله (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) كان عالما، هو أن الإمام يعرف بعلمه جميع الأشياء ولا يشتبه على غيره فإنه بإضاءة علمه كالنور الساطع، وقد ذكرنا أن القادر على معرفته بسبب علمه هو العالم دون غيره، وقوله «أو ما شاء الله» يحتمل الترديد من الراوي وحتم ما لم يكن محتوما قبل فإنه قد يحصل لكل إمام علم بالحتم الذي لم يكن قبله. والله أعلم.
قوله (أرأيت من مات في ذلك) أي أخبرني، من مات في حال نفره ووقت طلبه قبل الوصول إلى المطلوب كيف حاله أهو مؤمن أم لا؟ ومحصل الجواب أنه مؤمن ومثاب لأجل النفر، وفيه دلالة على أن الإيمان بالإمام على سبيل الإجمال عند تعذر معرفة اسمه وشخصه كاف وهو كذلك لاستحالة التكليف بالمحال.
قوله (قال يعطى السكينة والوقار والهيبة) السكينة والوقار متقاربان، ولذا قد يفسر أحدهما بالآخر ويفسران بالثاني والحلم والرزانة والرحمة وتلك الأمور من حيث سكون النفس إليها تسمى