وجل «لا يضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون» وصاحبك بعدي أبو محمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء الله (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان.
* الشرح:
قوله (وقلقت لذلك) القلق الانزعاج والاضطراب وإنما قلق لأنه ظن أن الخلف أبو جعفر محمد ابن علي فلما مات وبطل ظنه قلق لعدم ظنه بخلف غيره على الخصوص.
قوله (فإن الله لا يضل قوما) ضل ضاع والضلال الضياع وأضله غيره ضيعه وأخرجه عن الطريق أو وجده ضالا، وباب الافعال يجيء لهذا المعنى أيضا كما تقول: أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا وبخيلا وقد صرح به ابن الأثير في النهاية أو سماه ضالا أو أخذه مؤاخذة الضال كما صرح به القاضي وغيره في تفسير هذه الآية، وإذا نسب الإضلال إلى الله تعالى يراد به غير المعنى الأول من المعاني المذكورة، والمعنى: لا يجد الله قوما ضالين خارجين عن طريق الحق أو لا يسميهم ضالين أو لايؤاخذهم مؤاخذتهم بعد إذ هداهم للإيمان حتى يبين لهم ما يجب اتقاؤه ومن جملة ما يجب اتقاؤه خلاف الإمام فلا إضلال ولا مؤاخذة بدون بيان الإمام وفيه دلالة على أن العبد غير مكلف بشيء من أحكام الدين قبل العلم به.
قوله (يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء) أي يقدم ما يشاء تقديمه ويؤخر ما يشاء تأخيره بلا معارض ولا مدافع، ولما تعلقت المشية الأزلية بتقديم أبي محمد قدمه وأمات أبا جعفر ليبطل ظن من ظن أنه المتقدم في الخلافة ويظهر علمه الأزلي بذلك.
قوله (ما ننسخ من آية) «ما» شرطية جازمة لننسخ، منصوبة على المفعولية و «من آية» تميز لها وإنساؤها إذهابها عن القلوب يعني أي شيء ننسخ من آية أو نذهبها عن القلوب نأت بما هو خير لهم منها أو مثلها في النفع وقد أنسى وأزال عن قلوبهم ماظنوه من خلافة أبي جعفر بموته وأتى بمن هو خير لهم منه وهو أبو محمد (عليه السلام).
* الأصل:
13 - علي بن محمد، عمن ذكره، عن محمد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم قال:
سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟
فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد (عليهم السلام).