لم يرفع العلم الذي أنزله من لدن آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله) بل هو مخزون عند أهله.
قوله (أسلم له العقب من المستحفظين) «من» إما بيانية أو ابتدائية والمستحفظون على الأول أهل البيت (عليهم السلام) وعلى الثاني أعقاب العلماء الماضين وأفضل الفريقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقوله «وكذبه بنو إسرائيل» هم أولاد يعقوب (عليه السلام) وإسرائيل لقبه، ومعناه بالعبرانية صفوة الله وقيل عبد الله.
قوله (جفاة) الجفاة جمع الجافي من الجفاء بالمد وهو خلاف البر، وفي المغرب: الجفاء غالب على أهل البدو وهو الغلظ في العشرة والخرق في المعاملة وترك الرفق.
قوله (لم يكن فيهم كتاب) استيناف كأنه قيل: ما بالهم يكونون جفاة؟ فأجاب بما ذكر فإن الطبايع البشرية والنفوس الناقصة مائلة إلى الجفاء فإذا لم يوجد فيهم زاجر من الكتاب والسنة النبوية يأخذ الجفاء حد الرسوخ فيصير كالطبيعة الثانية، أعاذنا الله منه.
قوله (ولا تحزن عليهم) لما علم الله تعالى أن نفسه المقدسة محزونة لما يفوتهم من السعادات الدنيوية والأخروية بالجفاء وترك قبول النصيحة وذلك لكمال شفقته على الأمة تسلاه وأدبه بقوله «ولا تحزن عليهم» فإن عليك البلاغ وعلينا الحساب، فإذا بلغت لم يسمعوا فلا تجادلهم وقل سلام على عباد الله الصالحين فسوف تعلمون في الآخرة وبال أمركم وسوء عاقبتكم.
قوله (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) من الطعن في نصب علي (عليه السلام) وذكر فضله واللام جواب القسم وقد لتحقيق الفعل وتكثيره والآية في آخر سورة الحجر.
قوله (فإنهم لا يكذبونك) أي في الحقيقة لعلمهم بأنك صادق فيما ذكرت من فضل وصيك والآية في سورة الأنعام وفيها هكذا (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) أي ينكرونها والآيات هم الأوصياء كما مر عن الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (وما تغني الآيات والنذر) قال: الآيات هم الأئمة والنذر هم الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: (كذبوا بآياتنا كلها) قال: يعني الأوصياء كلهم. وإنما وضع الظالمين موضع الضمير للتنصيص بظلمهم في إنكار آياته وتمرنهم على جحدها.
قوله (لكنهم يجحدون بغير حجة) عقلا ونقلا بل بمجرد الحسد والعناد وحب الجاه والرئاسة مع علم جلهم بل كلهم على حقيقته وحقيقة الرسول بما قال فيه.