فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، فوقعت الحجة بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب الذي يقرؤه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقال عز ذكره: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) ثم قال: (وآت ذا القربى حقه) فكان علي (عليه السلام) وكان حقه الوصية التي جعلت له والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، فقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ثم قال: «وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت» يقول: أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة القربى، بأي ذنب قتلتموهم، وقال جل ذكره: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قال: الكتاب [هو] الذكر، وأهله آل محمد (عليهم السلام) أمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) وقال عزوجل: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) وقال عزوجل: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال عزوجل: (ولو ردوه (إلى الله و) إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فرد الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم، فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن، ثم قال (صلى الله عليه وآله): [يا] أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - ثلاث مرات - فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه، فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا، فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل جبرئيل (عليه السلام) وقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته، يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه، واليوم: قل لا أسألكم عليه
(١٣١)