الحروف وهو المعنى إلخ " والظاهر أنه اشتباه من النساخ إذ لا معنى صحيح لان يكون المعنى نعتا للحروف بل الصحيح ما في التوحيد وهو: " وقعت عليه هذه الحروف " فيكون مقصوده سلام الله عليه كما سبق في الجمل الماضية أنه تعالى حقيقة استعمل فيه الألفاظ.
قال السائل: " فانا لم نجد موهوما إلا مخلوقا " وهذا السؤال واضح قد مضى تفصيله آنفا، قال أبو عبد الله عليه السلام: " لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم " الظاهر أن المراد بالتوحيد هنا: أصل الوجود و الثبوت لا ما يقابل التشريك بعد ثبوته، وحاصل الجواب: أنه يمكننا التوجه إلى مثل ذلك الوجود، ونحن أيضا مكلفون على مثل هذا التوجه، ويدل عليه تصديقنا بوجوده أو عدمه أو الشك فيه فان كل هذه التصديقات مستلزمة للتوجه إليه، وإلا فما الذي نثبته أو ننفيه أو نشك فيه؟ نعم هذا التوجه لا يمكن أن يكون من طرق الحواس المحددة لأنها لا تؤدي إلا إلى محسوسات محدودة مشخصة، فهي بمنزلة مرآة محدود لا يري إلا مرائي محدودة كما ذكرناه.
وتلخص من جميع ما تقدم من عدم مجئ قاعدة الصفات في حق الواجب جل وعلا وكذلك من عدم إمكان وقوعه معقولا بماهيته وإمكان التوجه إليه لا من طرق الحواس المحددة أنه: " لا بد من إثبات صانع للأشياء خارج من الجهتين المذمومتين إحداهما النفي إذ كان النفي هو الابطال والعدم، والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف " فليعلم أن ما ذكره الإمام عليه السلام هو إرشاد إلى آخر مراتب التوجه في هذا المقام، فانا لم نعثر من الفلاسفة والحكماء في هذ الباب إلى شئ يقنع به العقول الفعالة فان كل ما ذكروه في هذا المقام يستلزم أسؤلة لا يجاب عنها جوابا كافيا، فلا بد لنا حينئذ أن نسترشد بقوله عليه السلام: " فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار منهم إليه أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا " فهذا