الذاتية فإن نفس الخلق والاحياء والإماتة والرزق والتكلم وكذلك نفس السماع والبصر تستلزم متعلقات حادثة مسبوقة بالإرادة، وبعبارة أوضح فعلية هذه الصفات بنفسها مسبوقة بمشيئته وإرادته، وأما القدرة عليها جميعا فهي ذاتية، فقوله عليه السلام " يسمع بنفسه ويبصر بنفسه " ليس ناظرا إلى فعلية تلك الصفات بنفسها.
قوله عليه السلام " ليس قولي إنه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر " لما ذكرناه من لزوم التركب المستلزم للافتقار المستحيل في حقه تعالى " ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا " ولا يمكن أن يجيب المجيب سائلا إلا بما هو عليه من الشؤون والأطوار، وكذلك إفهاما للسائل إذ كان هو سائلا ولا بد من أن يجاب بما يستأنسه من المعاني والمدركات.
قوله عليه السلام: " فأقول إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض " يعني عليه السلام:
أن المراد بالكل المستفاد عن قوله: " بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه " ليس ما يتوهم من كونه بمعناه المتعارف المعهود حيث إن الكل بهذا المعنى هو الهيئة المنتزعة عن اجتماع أجزاء والتئام أبعاض لكي تستلزم التركب لا محالة.
قوله عليه السلام: " ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير، العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى " وهذه إشارة إلى ما دل عليه العقل والنقل من اتحاد الذات والصفات الذاتية والقدرة على الصفات الفعلية، وقد أشرنا إليه آنفا فلا نعيده، ثم كرر السائل السؤال عن الماهية والحقيقة بقوله: " فما هو؟ " ولا نعلم وجها لهذا التكرار إلا غموض المسألة وأن هذا المعنى لا يوافق أي معقول من المعقولات البشرية فأجابه الإمام عليه السلام بقوله: " هو الرب والمعبود وهو الله " حيث لم يتصور السائل من هذه الألفاظ حقيقة وماهية واضحة فكأنه قد توهم أن هذا الموجود ليس من قبيل المعاني الواقعية فيكون مجرد لفظ بلا معنى معقول، فلذلك كرر الامام ثانيا الجواب الماضي في الجمل السابقة بأنه: " ليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف ولام وهاء ولا راء ولا باء، ولكن أرجع إلى معنى وشئ خالق الأشياء وصانعها " وفي نسخة الكافي بعد ذلك " ونعت هذه