إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله وأخذهم بكل ظنه وتهمة حتى إن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال شيعة على وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير - ولعله يكون ورعا صدوقا - يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة ولم يخلق الله تعالى شيئا منها ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع.
وروى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتاب (الاحداث) قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبى تراب وأهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق الا يجيزوا لأحد من شيعة على وأهل بيته شهادة وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم واكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروى كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه في العرب منهم والموالي فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا فليس يجئ أحد مردود من الناس عاملا من