يزل على ذلك حتى أتاه ليلة، وهو متكئ بباب داره رجلان من الخوارج، فضرباه بأسيافهما فقتلاه، فأتى زياد بعد ذلك برجل من الخوارج، فقال: اذهبوا به فاقتلوه متكئا كما قتل شيبان، فصاح به الخارجي: يا عدلاه! يتهزأ.
[أمر عباد بن أخضر مع الخوارج] قال: وأما عباد بن أخضر، قاتل أبى بلال مرداس بن أدية، وقد ذكرنا قصته - فإنه لم يزل بعد قتله مرداسا محمودا في المصر موصوفا بما كان منه، حتى ائتمر جماعة من الخوارج أن يقتلوه، فذمر (1) بعضهم بعضا على ذلك، فجلسوا له يوم جمعة (2) بعد أن أقبل على بغلته، وابنه رديفه، فقام إليه رجل منهم فقال له: أسألك [عن] (3) مسألة! قال: قل، قال: رأيت رجلا قتل رجلا بغير حق، وللقاتل جاه وقدر وناحية من السلطان، ولم يعد عليه السلطان لجوره، ألولي ذلك المقتول أن يقتل (4) القاتل إن قدر عليه! فقال: بل يرفعه إلى السلطان.
قال: إن السلطان لا يعدى عليه لمكانه منه، ولعظم جاهه عنده، قال: أخاف عليه إن فتك به [فتك به السلطان] (5). قال: دع ما تخافه من السلطان، أيلحقه تبعة (6) فيما بينه وبين الله؟ قال: لا، فحكم هو وأصحابه ثم خبطوه بأسيافهم، ورمى عباد بابنه فنجا، وتنادى الناس: قتل عباد، فاجتمعوا فأخذوا أفواه الطرق، وكان مقتل [عباد في سكة] (7) بنى مازن عند مسجد بنى كليب بن يربوع، فجاء معبد بن أخضر، أخو عباد، وهو معبد