بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٤
منكوحة ابنه ولو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت والله عز وجل أعلم.
{فصل} وأما بيان ما يثبت به الرضاع أي يظهر فالرضاع يظهر بأحد أمرين أحدهما الاقرار والثاني البينة أما الاقرار فهو أن يقول لامرأة تزوجها هي أختي من الرضاع أو أمي من الرضاع أو بنتي من الرضاع ويثبت على ذلك ويصبر عليه فيفرق بينهما لأنه أقر ببطلان ما يملك ابطاله للحال فيصدق فيه على نفسه وإذا صدق لا يحل له وطؤها والاستمتاع بها فلا يكون نفي ابقاء النكاح فائدة فيفرق بينهما سواء صدقته أو كذبته لان الحرمة ثابتة في زعمه ثم إن كان قبل الدخول بها فلها نصف المهر ان كذبته لان الزوج مصدق على نفسه لا عليها بابطال حقها في المهر وإن كان بعد الدخول بها فلها كمال المهر والنفقة والسكنى لأنه غير مصدق بابطال حقها فان أقر بذلك ثم قال أوهمت أو أخطأت أو غلطت أو نسيت أو كذبت فهما على النكاح ولا يفرق بينهما عندنا وقال مالك والشافعي يفرق بينهما ولا يصدق على الخطأ وغيره وجه قولهما انه أقر بسبب الفرقة فلا يملك الرجوع كما لو أقر باطلاق ثم رجع قال لامرأته كنت طلقتك ثلاثا ثم قال أوهمت والدليل عليه انه لو قال لامته هذه امرأتي أو أمي أو أختي أو ابنتي ثم قال أوهمت انه لا يصدق وتعتق كذا ههنا ولنا ان الاقرار اخبار فقوله هذه أختي اخبار منه انها لم تكن زوجته قط لكونها محرمة عليه على التأبيد فإذا قال أوهمت صار كأنه قال ما تزوجتها ثم قال تزوجتها وصدقته المرأة ولو قال ذلك يقران على النكاح كذا هذا بخلاف الطلاق لان قوله كنت طلقتك ثلاثا اقرار منه بانشاء الطلاق الثلاث من جهته ولا يتحقق انشاء الطلاق الا بعد صحة النكاح فإذا أقر ثم رجع عنه لم يصدق وبخلاف قوله لامته هذه أمي أو ابنتي لان ذلك لا يقتضى نفى الملك في الأصل ألا ترى انها لو كانت أمه أو ابنته حقيقة جاز دخولها في ملكه حتى يقع العتق عليها من جهته فتضمن هذا اللفظ منه انشاء العتق عليها فإذا قال أوهمت لا يصدق كما لو قال هذه حرة ثم قال أوهمت وكذلك إذا أقر الزوج بهذا قبل النكاح فقال هذه أختي من الرضاع أو أمي أو بنتي وأصر على ذلك وداوم عليه لا يجوز له أن يتزوجها ولو تزوجها يفرق بينهما ولو قال أوهمت أو غلطت جاز له ان يتزوجها عندنا لما قلنا ولو جحد الاقرار فشهد شاهدان على اقراره فرق بينهما وكذلك إذا أقر بالنسب فقال هذه أمي من النسب أو بنتي أو أختي وليس لها نسب معروف وانها تصلح بنتا له أو أما له فإنه يسئل مرة أخرى فان أصر على ذلك وثبت عليه يفرق بينهما لظهور النسب باقراره مع اصراره عليه وان قال أوهمت أو أخطأت أو غلطت يصدق ولا يفرق بينهما عندنا لما قلنا وإن كان لها نسب معروف أو لا تصلح أما أو بنتا له لا يفرق بينهما وان دام على ذلك لأنه كاذب في اقراره بيقين والله أعلم وأما البينة فهي ان يشهد على الرضاع رجلان أو رجل أو امرأتان ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك ولا شهادة النساء بانفرادهن وهذا عندنا وقال الشافعي يقبل فيه شهادة أربع نسوة وجه قوله إن الشهادة على الرضاع شهادة على عورة إذ لا يمكن تحمل الشهادة الا بعد النظر إلى الثدي وانه عورة فيقبل شهادة النساء على الانفراد كالولادة ولنا ما روى محمد عن عكرمة بن خالد المخزومي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم يظهر النكير من أحد فيكون اجماعا ولان هذا باب مما يطلع عليه الرجال فلا يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد كالمال وإنما قلنا ذلك لان الرضاع مما يطلع عليه الرجال أما ثدي الأمة فلانه يجوز للأجانب النظر إليه وأما ثدي الحرة فيجوز لمحارمها النظر إليه فثبت ان هذه الشهادة مما يطلع عليه الرجال فلا يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد لان قبول شهادتهن بانفرادهن في أصول الشرع للضرورة وهي ضرورة عدم اطلاع الرجال على المشهود به فإذا جاز الاطلاع عليه في الجملة لم تتحقق الضرورة بخلاف الولادة فإنه لا يجوز لاحد فيها من الرجال الاطلاع عليها فدعت الضرورة إلى القبول وإذا شهدت امرأة على الرضاع فالأفضل للزوج ان يفارقها لما روى عن محمد ان عقبة ابن الحرث قال تزوجت بنت أبي اهاب فجاءت امرأة سوداء فقالت انى أرضعتكما فذكرت ذلك لرسول الله صلى
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222