للمأمور فكان العتق عنه ولنا ان الامر بالفعل أمر بما لا وجود للفعل بدونه كالأمر بصعود السطح يكون أمرا بنصب السلم والامر بالصلاة يكون أمرا بالطهارة ونحو ذلك ولا وجود للعتق عن الآمر بدون ثبوت الملك فكان أمر المالك باعتاق عبده عنه بالبدل المذكور أمر بتمليكه منه بذلك البدل ثم باعتاقه عنه تصحيحا لتصرفه كأنه صرح بذلك فقال بعه منى وأعتقه عنى ففعل ولو قال أعتق عبدك عنى ولم يذكر البدل فاعتق فالولاء للمأمور في قول أبي حنيفة ومحمد لان العتق عنه وعند أبي يوسف هذا والأول سواء وجه قوله على نحو ما ذكرنا في المسألة الأولى ولهما الفرق بين المسئلتين وهو انه في المسألة الأولى أمكن اثبات الملك للآمر بالبدل المذكور بمقتضى الامر بالاعتاق لان الملك في البيع الصحيح لا يقف على القبض بل يثبت بنفس العقد فصار المأمور بائعا عبده منه بالبدل المذكور ثم معتقا عنه بأمره وتوكيله وأما في المسألة الثانية فلا يمكن اثبات الملك بالتمليك الثابت بطريق الاقتضاء لان التمليك من غير عوض يكون هبة والملك في باب الهبة لا يثبت بدون القبض فإذا أعتق فقد أعتق ملك نفسه لا ملك الامر فيقع عن نفسه فكان الولاية له فهو الفرق ولو قال أعتق عبدك ولم يقل شئ آخر فأعتق فالولاء للمأمور لان العتق عنه لأنه عتق عن نفسه لان عن الآمر لعدم الطلب من الآمر بالاعتاق عنه ولو قال أعتق عبدك على ألف درهم ولم يقل عنى فأعتق توقف على قبول العبد إذا كان من أهل القبول فان قبل في مجلس علمه يعتق ويلزمه المال والا فلا لأنه لم يطلب اعتاق العبد لنفسه وإنما طلب اعتاق العبد للعبد وهو فضولي فيه فإذا عتق المالك توقف اعتاقه على إجازة العبد كما إذا قال لغيره بع عبدك هذا من فلان على ألف درهم فباعه أنه يتوقف على إجازة فلان كذا هذا وسواء كان المعتق ذكرا أو أنثى لوجود السبب منهما ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق وقال صلى الله عليه وسلم ليس للنساء من الولاء الا ما أعتقن الحديث والمستثنى من المنفى مثبت ظاهرا وسواء كان المعتق والمعتق مسلمين أو كافرين أو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا لوجود السبب ولعموم الحديث حتى لو أعتق مسلم ذميا أو ذمي مسلما فولاء المعتق منهم للمعتق لما قلنا الا أنه لا يرثه لانعدام شرط الإرث وهو اتحاد الملة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتوارث أهل ملتين بشئ وقال صلى الله عليه وسلم لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن ويجوز أن يكون الولاء ثابتا لانسان ولا يرث به لانعدام شرط الإرث به على ما نذكر حتى لو أسلم الذمي منهما قبل موت المعتق ثم مات المعتق يرث به لتحقق الشرط وكذا لو كان للذمي الذي هو معتق العبد المسلم عصبة من المسلمين بأن كان له عم مسلم أو ابن عم مسلم فإنه يرث الولاء لان الذمي يجعل بمنزلة الميت وان لم يكن له عصبة من المسلمين يرد إلى بيت المال ولو كان عبد مسلم بين مسلم وذمي فأعتقاه ثم مات العبد فنصف ولائه للمسلم لان المسلم يرث المسلم والنصف الآخر لأقرب عصبة الذمي من المسلمين إن كان له عصبة مسلم وان لم يكن يرد إلى بيت المال ولو أعتق حربي عبده الحربي في دار الحرب لم يصر بذلك مولاه حتى لو خرجا إلى دار الاسلام مسلمين لا ولاء له وهذا قول أبي حنيفة ومحمد لأنه لا يعتق عندهما لأنه لا يعتق بكلام الاعتاق وإنما يعتق بالتخلية والعتق الثابت بالتخلية لا يوجب الولاء وعند أبي يوسف يصير مولاه ويكون له ولاؤه لان اعتاقه بالقول قد صح في دار الحرب وكذلك لو دبره في دار الحرب فهو على هذا الاختلاف ولا خلاف في أن استيلاده جائز وتصير الجارية أم ولد له لا يجوز بيعها لما ذكرنا فيما تقدم ان مبنى الاستيلاد على ثبوت النسب والنسب يثبت في دار الحرب ولو أعتق مسلم عبدا له مسلما أو ذميا في دار الحرب فولاؤه له لان اعتاقه جائز بالاجماع وان أعتق عبدا له حربيا في دار الحرب لا يصير مولاه عند أبي حنيفة لأنه لا يعتق بالقول وإنما يعتق بالتخلية وعند أبي يوسف يصير مولاه لثبوت العتق بالقول وقول محمد فيه مضطرب حتى لو أسلم العبد في دار الحرب وخرجا مسلمين إلى دار الاسلام فلا ولاء لمعتق على المعتق وللمعتق أن يوالي من شاء عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يرث المعتق من المعتق وله ولاؤه إذا خرجا مسلمين وان سبى العبد المعتق كان مملوكا للذي سباه في قولهم جميعا ولا يخلو اما أن يكون مملوكا أو حرا فإن كان مملوكا
(١٦١)