أن مذهبه ان المكاتب يعتق بنفس الكتابة وقد روى محمد بن الحسن عن شريح مثل ذلك وجه قول علي كرم الله وجهه ان المكاتبة عقد معاوضة فإذا أدى العبد بعض بدل الكتابة إلى المولى فقد ملك المولى ذلك القدر فلو لم يملك من نفسه ذلك القدر لاجتمع للمولى ملك البدل والمبدل وهذا لا يجوز وجه قول ابن مسعود رضي الله عنه ان قيمة العبد مالية فلو عتق بأداء ما هو أقل من قيمته لتضرر به المولى وإذا أدى قدر قيمته فلا ضرر على المولى وجه قول ابن عباس رضي الله عنه ما انه لو لم يعتق بنفس العقد لوجب للمولى على عبده دين ولا يجب للمولى على عبده دين ولان الكتابة اعتاق على مال ومن أعتق عبده على مال وقبل العبد عتق والمال دين عليه كذلك ههنا وجه قول زيد بن ثابت رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وهذا نص في الباب ولان المولى علق عتقه بأداء جميع بدل الكتابة فلا يعتق ما لم يؤد جميعه كما لو قال لعبده إذا أديت إلى ألفا فأنت حر انه لا يعتق ما لم يؤد جميع الألف كذا ههنا ثم العتق كما يثبت بأداء بدل الكتابة يثبت بأداء العوض عن بدل الكتابة لان عوض الشئ يقوم مقامه ويسد مسده كأنه هو كما في البيع وغيره على أن بدل الكتابة دين في ذمة العبد وقضاء الديون يكون بأعواضها لا بأعيانها وكذا يثبت بالابراء لما نذكر ثم إذا أدى بدل الكتابة وعتق يعتق ولده المولود في الكتابة بان ولد للمكاتب ولد من أمة اشتراها لأنه صار مكاتبا تبعا للأب فيثبت فيه حكم الأصل الا ان للمولى أن يطالب الأب دون الولد لأنه لم يدخل في العقد مقصودا بل تبعا فلا يملك مطالبة التبع حال قيام المتبوع وكما يعتق المكاتب الأداء من كسبه يعتق بالأداء من كسب ولده لان كسب الولد كسبه فإذا أدى يعتق هو وولده وكذا ولده المشترك في الكتابة وولد ولده وان سفل والوالدون وان علوا إذا اشتراهم المكاتب يدخلون في الكتابة كالولد المولود سواء لا فرق بينهم الا في فصل واحد وهو أنه إذا مات المكاتب من غير مال يقال للولد المشترى وللوالدين اما أن تؤدوا الكتابة حالا والا رددناكم في الرق بخلاف الولد المولود في الكتابة لما نذكر وأما ما سوى الوالدين والمولودين من ذوي الرحم المحرم كالأخ والعم والخال ونحوهم فهل يدخلون في الكتابة قال أبو حنيفة لا يدخلون وقال أبو يوسف ومحمد يدخلون ويسعون على النجوم بمنزلة الوالدين والمولودين والأصل عندهما ان كل من إذا ملكه الحر يعتق عليه فإذا ملكه المكاتب يتكاتب عليه ويقوم مقامه وجه قولهما ان المكاتبة عقد يفضى إلى العتق فيعتبر بحقيقة العتق والحكم في الحقيقة هذا فكذا في كسب الكسب المفضى إليه ولهذا اعتبر بحقيقة العتق في الوالدين والمولودين كذا ههنا ولأبي حنيفة ان الأصل أن لا يثبت التكاتب رأسا لان ملك المكاتب ملك ضروري لكونه مملوكا ما بقي عليه ردهم فلا يظهر في حق التبرع والعتق وإنما يظهر في حق حرية نفسه الا ان حرية ولده وأبويه في معنى حرية نفسه لمكان الحرية ولم يوجد في سائر ذوي الرحم فبقي الامر فيهم على الأصل وبدل القياس من وجه آخر يقتضى أن لا يدخل الولد لأنه كسبه وحق الحرية لا يسرى للاكتساب ككسب أم الولد والمدبر وإنما استحسنا الولاد بحكم الحرية ولم يوجد والولد المنفصل قبل العقد لا يدخل في الكتابة ويكون للمولى ولو اختلفا فقال المولى ولد قبل العقد وقالت المكاتبة بعد العقد ينظر إن كان الولد في يد المولى فالقول قوله إنه انفصل قبل العقد وإن كان في يد الأمة فالقول قولها ويحكم فيه الحال كمن استأجر عبدا ومضت مدة الإجارة ثم اختلفا فادعى المستأجر الإباق والمؤاجر ينكر انه ينظر إن كان في الحال آبقا فالقول قول المستأجر وان لم يكن في الحال آبقا فالقول قول المؤاجر وكذلك هذا في الطاحونة إذا اختلفا في انقطاع الماء وجريانه فإن كان في الحال منقطعا فالقول قول المستأجر وإن كان جاريا فالقول قول المؤاجر ولو تصادقا في الإباق والانقطاع واختلفا في مدة الإباق والانقطاع فالقول قول المستأجر لأنه منكر وجوب الزيادة وسواء كان الأداء في حال حياة العاقدين أو بعد موتهما حتى لو مات المولى فادى المكاتب إلى ورثته عتق لأن العقد لا ينفسخ بموت المولى بلا خلاف وكذا لو مات المكاتب عن وفاء يؤدى بدل الكتابة إلى المولى ويحكم بعتقه عندنا وعند الشافعي لا يعتق ويسلم البدل للمولى بناء على أن عقد الكتابة لا ينفسخ بموت المكاتبة عندنا كما لا ينفسخ بموت المولى وعنده ينفسخ بموت
(١٥٤)