الشرح الكبير - أبو البركات - ج ٣ - الصفحة ٤٤٦
ولم يأخذه ربه وإذا منع من التصرف للتوثق فتصرف فيه فتصرفه مردود فلا يجوز لمن وهب له منه شئ قبوله ولا الاكل منه مثلا وظاهره ولو فات عند الغاصب ولزمه القيمة وبه قال بعض، وقال بعضهم يجوز حينئذ ورجح. وحاصله أن الحرام لا يجوز قبوله ولا الاكل منه ولا السكنى فيه ما لم يفت عند الظالم وتتعين عليه القيمة وإلا جاز على الأرجح ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه (ولا رد له) أي ليس للمغصوب منه أن يلزم الغاصب رد ما صاحبه في غير بلد الغصب إلى بلده لما مر أن نقل المثلي فوت كالمقوم إن احتاج لكبير حمل خلافا للمغيرة وهذا يغني عنه قوله لبلده ولو صاحبه (كإجازته بيعه معيبا) تشبيه في عدم الرد والضمير في إجازته يعود على المغصوب منه وفي بيعه يعود على الغاصب والإضافة فيهما من إضافة المصدر لفاعله وبيعه مفعول إجازته ومعيبا مفعول بيعه أو حال من ضميره يعني أن الغاصب إذا باع ما غصبه معيبا فأجاز المغصوب منه بيعه ( زال) العيب عند المشتري (وقال) المغصوب منه إنما (أجزت) البيع (لظن بقائه) أي العيب ثم ظهر زواله فليس له رد البيع قال في المدونة من غصب أمة بعينها بياض فباعها ثم ذهب البياض عند المبتاع فأجاز ربها البيع ثم علم بذهاب البياض فقال إنما أجزت البيع وأنا لا أعلم بزوال العيب وأما الآن فلا أجيزه لم يلتفت لقوله ويلزمه البيع ا ه‍ ولو باعه الغاصب سليما بعد زوال العيب فأجازه ربه لظنه بقاءه لكان الحكم كذلك على الأرجح من أنه ليس له رد البيع لأن العلة تفريطه إذ لو شاء لتثبت. ولما كان المالك لا تسلط له على عين المثلي إذا وجده مع الغاصب بغير بلده أشار إلى أن مثله ما إذا وجده على غير صفته مشبها له أيضا بما تضمنه قوله ولا رد له فقال: (كنقرة) أي قطعة ذهب أو فضة وكذا قطعة نحاس أو حديد غصبت و (صيغت) حليا أو غيره فليس لربها أخذها بل له مثل النقرة والنحاس لفواتها بالصياغة (وطين لبن) بضم اللام وكسر الباء مشددة أي ضرب لبنا لا يرد لربه بل مثله إن علم وإلا فقيمته (وقمح) مثلا (طحن) ودقيق عجن وعجين خبز لفواته هنا بخلافه في الربويات فلم يجعلوه ناقلا فمنعوا التفاضل بينهما احتياطا للربا وهنا احتاطوا للغاصب فلم يضيعوا كلفة طحنه وهو وإن ظلم لا يظلم، وقال أشهب أن الطحن غير ناقل هنا كالربويات والظالم أحق بالحمل عليه (وبذر) أي ما يبذر من الحبوب (زرع) فيلزمه لربه مثله
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست