وفي فصل فرائض الصلاة من الفرائض. والظاهر أنه تنويع للعبارة وأن الصلاة لا تصح بدونها، سواء جعلت فرضا أو شرطا كما صرح ببطلانها صاحب المدخل وابن عرفة والمصنف وغيرهم.
قال في التوضيح عن عبد الوهاب: إن المأموم إن لم ينو أنه مؤتم وإلا بطلت صلاته انتهى. وقاله في الجواهر وغيرها. وقال ابن عرفة: وشرط صحة صلاة المأموم مطلقا نية اتباعه إمامة انتهى.
قلت: انظر قولهم إنه إن لم ينو المأموم أنه مؤتم بطلت صلاته كيف يتصور ذلك فإن من وجد إماما يصلي أو شخصا يصلي فإن نوى أنه يقتدي به فهو مأموم وقد حصلت له نية الاقتداء، وإن نوى أن يصلي لنفسه ولم ينو أنه مقتد بذلك الامام فهو منفرد وصلاته صحيحة.
ففي أي صورة يحكم له بأنه مأموم ولم ينو الاقتداء ويحكم ببطلان صلاته، اللهم إلا أن يكون مرادهم إذا أحرم بالصلاة منفردا ثم في أثناء الصلاة نوى أن يقتدي بشخص آخر فصلاته باطلة، لأنه نوى أنه مأموم ولم ينو الاقتداء من أول الصلاة فيرجع كلامهم إلى أن يشترط في صحة صلاة المأموم أن ينوي الاقتداء بالامام من أولها، فإن نوى الاقتداء في أثنائها بطلت. وفي كلام المازري في شرح التلقين إشارة إلى ذلك فراجعه وتأمله، ولذلك فرع ابن الحاجب على هذا الشرط قوله: فلا ينتقل منفرد لجماعة ولا بالعكس. وأتى بالفاء الدالة على السببية فتأمله منصفا فلم أر من نبه عليه. وهذا ظاهر من كلامهم عند التأمل فإن النية لا بد وأن تكون مقارنة لأول الفعل التي هي شرط فيه أو ركن. ثم رأيت القباب نبه على ذلك في شرح قواعد القاضي عياض، فقال في شرح قوله: وعلى المأموم عشر وظائف، أن ينوي الاقتداء بإمامة وكونه مأموما نصه، تكلم هنا على وجوب نية الاقتداء على المأموم. وقاله القاضي عبد الوهاب، وما قاله تصحيح وفيه خلاف. وصورة المسألة لو قصد مصل أن يصلي فذا وأحرم ونيته ذلك، ثم رأى إماما بين يديه يصلي بجماعة فهل له أن يبتدئ الاقتداء به ويتم خلفه مأموما أم لا؟ المشهور أن ذلك لا ينبغي وتبطل صلاته إن فعل، وقيل تصح. وحكاه عن ابن حبيب في إمام كان يصلي بقوم في السفر فرأى أمامه جماعة تصلي بإمام فجهل وصلى بصلاتهم، أجزأته صلاه لأنه كان مأموما وأعاد من وراءه أبدا لأنهم لا إمام لهم. قال: وقاله ابن القاسم ومن لقيت من أصحاب مالك. وما نقله ابن حبيب عن ابن القاسم ومن لقيه من أصحاب مالك خلاف ما قاله عبد الاقتداء فقال الفقيه أبو عبد الله بن عبد السلام عن