التي هي الطهارة الشرعية هي كون الشئ تباح ملابسته في الطهارة والغذاء. والمعنى الثاني رفع الحدث وإزالة النجاسة كما في قولهم: الطهارة واجبة. وفي كلام القرافي أن المعنى الأول:
حقيقة والثاني: مجاز، فلذلك عرفها ابن عرفة بقوله: صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو له. فالأوليان من خبث والأخيرة من حدث انتهى. ويقابلها بهذا المعنى النجاسة، ولذلك عرفها ابن عرفة بأنها صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة به أو فيه انتهى. فتلك الصفة الحكمية التي هي النجاسة شرعا هي كون الشئ تمنع ملابسته في الصلاة والغذاء، فإذا أطلقنا على المعفو عنه من النجاسات أنه نجس فذلك مجاز شرعي تغليبا لحكم جنسها عليها قاله في الذخيرة، ثم اعترض ابن عرفة على من عرف الطهارة بالمعنى الثاني فقال: وقول المازري وغيره الطهارة إزالة النجس أو رفع مانع الصلاة بالماء أو في معناه إنما يتناول التطهير والطهارة غيره لثبوتها دونه فيما لم يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة.
قلت: قد يقال: إن تعريف المازري وغيره الطهارة بحسب المعنى الثاني أولى، لان المراد تعريف الطهارة الواجبة المكلف بها والمكلف به إنما هو رفع الحدث وإزالة النجاسة لا الصفة الحكمية. وفي قول القرافي إنه مجاز نظر بل الظاهر أنه حقيقة أيضا، فلفظ الطهارة مشترك في الشرع بين المعنيين، فالأحسن التعرض لبيان كل منهما فإن اقتصر على أحدهما فالاقتصار على المعنى الثاني أولى لأنه هو الواجب المكلف به والله أعلم. ومعنى قوله: حكمية أنها يحكم بها ويقدر قيامها بمحلها وليست معنى وجوديا قائما بمحله كالعلم للعالم. وقوله: به أي بملابسته فيشمل الثوب وبدن المصلي والماء وكل ما يجوز أن يلابسه المصلي ولا تبطل صلاته بملابسته إياه، فاندفع ما أورد عليه من أنه لا يشمل طهارة الماء المضاف. وقوله: فيه يريد به المكان، وقوله: له يريد به المصلي وهو شامل بظاهره لطهارة المصلي من الحدث والخبث، لكن قوله:
بعد هذا والأخيرة من حدث يخصه به، وكذا قوله في حد النجاسة توجب له منع الصلاة به أو فيه ولم يقل أو له وفيه نظر، لأنه كما يمنع الحدث الصلاة فكذلك الخبث، وإدخال البدن في قوله: به بعيد والله أعلم. والطهورية صفة حكمية توجب لموصوفها كونه بحيث يصير المزال به نجاسته طاهرا، وأما الطهارة بالضم فهي فضلة ما يتطهر به. وقدم المصنف كغيره العبادات على غيرها لعموم الحاجة إليها، وبدأ بالصلاة لأنها أوكد العبادات وأفضلها بعد الايمان ولتقدمها على بقية القواعد في حديث بني الاسلام على خمس ما عدا الشهادتين، ولم يتكلم المصنف وكثير من الفقهاء على الشهادتين لأنهما أفردتا بعلم مستقل. وقدم الكلام على الطهارة لأنها أوكد شروط الصلاة التي يطلب المكلف بتحصيلها لسقوط الصلاة مع فقد ما يتطهر به من ماء وصعيد على المشهور، وبدأ بالكلام على الماء لأن الطهارة المائية هي الأصل ولا تحصل إلا بالماء المطلق فاحتاج إلى تمييزه من غيره. والحدث بفتحتين وهو في اللغة وجود