مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٠
وما وراءها من المغرب وصار الإمام لقبا له. ويحكى أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أحق ما يدعونني به فقال، له وسع الله صدرك للفتيا. وكان آخر المشتغلين بإفريقية بتحقيق العلم ورتبة الاجتهاد ودقة النظر، أخذ عن اللخمي وعبد الحميد السوسي المعروف بابن الصائغ وغيرهما، وكان يفرغ إليه في الفتوى في الطب كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه. ويحكى أن سبب اشتغاله بالطب أنه مرض فكان يطببه يهودي فقال له اليهودي: يا سيد مثلي يطبب مثلكم وأي قربة أجدها أتقرب بها في ديني مثل أن أفقد كم للمسلمين، فمن حينئذ اشتغل بالطب. وشرح التلقين للقاضي عبد الوهاب، وشرح كتاب مسلم، وشرح البرهان لأبي المعالي وألف غير ذلك. وممن أخذ عنه بالإجازة القاضي عياض. توفى سنة ست وثلاثين وخمسمائة وقد نيف على الثمانين، وليس هو صاحب الإرشاد المسمى بالمهاد بل ذلك إسكندراني، وهذه التراجم من كلام ابن فرحون إلا قليلا، وعرف عياض بالأولين في المدارك وبالأخيرين في العتبية في ذكر مشايخه والله أعلم. ص: (وحيث قلت " فذلك للاختلاف في التشهير وحيث ذكرت قولين أو أقوالا فذلك لعدم اطلاع في الفرع على أرجحية منصوصة) ش:
يعنى أن الشيوخ إذا اختلفوا في تشهير الأقوال يريد وتساوى المشهرون في الرتبة فإنه يذكر القولين المشهورين أو الأقوال المشهورة ويأتي بعدها بلفظة خلاف إشارة إلى ذلك، وسواء اختلافهم في الترجيح بلفظ التشهير أو بما يدل عليه كقولهم المذهب كذا أو الظاهر أو الراجح أو المفتى به كذا أو الذي عليه العمل أو نحو ذلك والله علم. وأما إن لم يتساو المشهرون في الرتبة فإنه يقتصر على ما شهره أعلمهم علم ذلك من استقراء كلامه قبل ووجد بخطه في حاشيته. قال ابن الفرات في شرحه: فابن رشد تشهيره مقدم على تشهير ابن بزيزة، وابن رشد والمازري وعبد الوهاب متساوون. ثم ذكر أنه إذا لم يطلع في الفرع على أرجحية منصوصة لغيره من تشهير أو تصويب أو اختيار ذكر القولين أو الأقوال إلا أن يكون أحد الأقوال ضعيفا جدا فيتركه ويذكر ما سواه من الأقوال المتساوية. هذا هو الأكثر في كلامه وقد يقع فيه شئ على خلاف ما ذكر وننبه عليه. إن شاء الله. وعلى ترجيح بعض الأقوال التي ذكرها من غير ترجيح. واحترز بقوله " منصوصة " مما إذا ظهر له ترجيح أحد الأقوال التي ولم يرد ذلك منصوصا فإنه لا يرجح ما ظهر له تورعا منه رحمه الله لئلا يلتبس بما رجحه غيره، ولضيق هذا المختصر عن أن يجعل فيه ما يدل على ترجيحه بخصوصه بخلاف التوضيح فإنه يشير فيه إلى ما ظهر له بالخاء.
تنبيه: قال ابن غازي: ويجمل المستفتى على معين من الأقوال المتساوية جرى العمل، وقد ذكر اللخمي في ذلك قولين في باب صلاة السفر فقال: وإذا كان في البلد فقهاء كثير كل يرى غير رأى صاحبه وكلهم أهل للفتوى جاز للعامي أن يقلد أيهم أحب، وإن كان عالم
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست