هذا الدم المعتبر دم النفاس لا خلاف أنه الذي يهراق بعد الولادة، وأما ما كان قبل خروج الولد فقيل: إنه غير دم نفاس وحكمه حكم غيره من الدماء التي تراها الحوامل. واختلف فيما يهراق عند خروج الولد ومعه فقيل: ليس بدم نفاس حتى يكون بعده وهو ظاهر قول عبد الوهاب، والنفاس ما كان عقب الولادة. وقيل: هو دم نفاس. ولا فرق بين ابتداء خروج الولد وانفصاله وهو ظاهر قول كثير من أصحابنا من قولهم: الدم الذي عند الولادة ومع الولادة، وكذلك اختلف أصحاب الشافعي على قولين ولم يختلفوا في الوجهين الأولين انتهى. وعلم من كلامه أن مراده في الوجه الأول ما كان قبل خروج ولم يكن لأجل الولادة، وأما خرج لأجل الولادة قبل خروج الولد ففيه الخلاف. وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول المصنف في التوضيح: الدم الخارج قبل الولادة لأجلها. حكى عياض فيه قولين للشيوخ: أحدهما أنه حيض، والثاني أنه نفاس انتهى. لكن لا يفهم من كلامه في التوضيح أن الخلاف جار أيضا فيما خرج مع الولد. وقال ابن عرفة: النفاس دم إلقاء حمل فيدخل دم إلقاء الدم المجتمع على المشهور. عياض: قيل: ما خرج قبل الولد غير نفاس، وما بعده نفاس، وفيما معه قولا الأكثر والقاضي. فإن قيل: فما فائدة الخلاف في الدم الخارج عند الولادة لأجلها والخارج معها؟
فالجواب - والله أعلم - أن الفائدة في ذلك تظهر كما قال الشيخ أبو الحسن عن بعض الشيوخ التي رأت الدم قبل الولادة - وتمادى بها حتى زاد على الحد الذي جعل لها وصارت مستحاضة، ثم رأت هذا مع الولادة، فهل يكون نفاسا أو استحاضة، لا يمنع من الصلاة.
قلت: وتظهر أيضا ثمرة الخلاف - والله أعلم في ابتداء زمن النفاس. فعلى قول الأكثر:
إنه نفاس يكون أول النفاس من ابتداء خروجه فيحسب ستين يوما من ذلك اليوم، وعلى القول: بأنه حيض لا يكون ابتداء النفاس إلا بعد خروج الولد والله أعلم. ص: (ولو بين توأمين) ش: التوأمان هما الولدان في بطن واحد، يقال لكل واحد: توأم على وزن فوعل وللأنثى توأمة. وقال ابن عرفة في باب اللعان: التوأمان ما ليس بين وضعهما ستة أشهر. وقال في المدونة: قال ابن القاسم: وإذا ولدت المرأة ولدين في بطن واحد ووضعت ولدا ثم وضعت آخر بعده لخمسة أشهر فهو حمل واحد انتهى. والمعنى أن الدم الذي بين التوأمين نفاس. وقيل:
حيض والقولان في المدونة. وعلى الأول فتجلس أقصى أم النفاس، وعلى أنه حيض فتجلس كما تجلس الحامل في آخر حملها عشرين يوما ونحوها. ثم إن وضعت الثاني قبل استيفاء أكثر