مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٣
خرج من ذلك على وجه السلس لا ينقض مطلقا، وهذه طريقه العراقيين من أصحابنا أن ما خرج على وجه السلس لا ينقض الوضوء مطلقا وإنما يستحب منه الوضوء. وذكر المازري رواية شاذة أن السلس ينقض مطلقا والمشهور من المذهب طريقة المغاربة أن السلس على أربعة أقسام:
الأول: أن يلازم ولا يفارق فلا يجب الوضوء ولا يستحب إذ لا فائدة فيه فلا ينتقض وضوء صاحبه بالبول المعتاد.
الثاني: أن يكون ملازمته أكثر من مفارقته فيستحب الوضوء إلا أن يشق ذلك عليه لبرد أو ضرورة فلا يستحب.
الثالث: أن يتساوى إتيانه ومفارقته ففي وجوب الوضوء واستحبابه قولان: قال ابن رشد القفصي والمشهور لا يجب. وقال ابن هارون: الظاهر الوجوب.
الرابع: أن تكون مفارقته أكثر فالمشهور وجوب الوضوء خلافا للعراقيين فإنه عندهم مستحب.
تنبيهات: الأول: كلام المصنف موف ببيان حكم الأقسام الأربعة وبيان ما يجب فيه الوضوء وما لا يجب وما يستحب وما لا يستحب لأنه قال: وبسلس فارق أكثر فأفاد أن الوضوء ينقض بخروج الحدث على وجه السلس إذا كانت مفارقته أكثر، وعلم من مفهوم الصفة أعني قوله: فارق أكثر أنه لا ينقض في الأوجه الثلاثة الباقية وهي ما إذا تساوى إتيانه وانقطاعه، أو كان إتيانه أكثر، أو كان ملازما لا يفارق، وأنه مشى على ما شهره ابن راشد في مسألة التساوي، ثم بين أنه يستحب الوضوء، إذا كانت ملازمته أكثر من انقطاعه ما لم يشق، وفهم من ذلك أنه يستحب مع التساوي من باب الأولى فهو مفهوم الموافقة الذي يتعين العمل به، وفهم منه أنه لا يستحب إذا كان لا يفارق أصلا فلله دره ما أخصر عبارته وما ألطف إشارته وكم فيه من مثل هذا الاختصار العجيب الدال على أنه أخذ من التحقيق بأوفر نصيب، وجميع ما ذكر في شرح كلام المصنف نص عليه في التوضيح.
الثاني: قال في التوضيح أيضا: هذا التقسيم لا يخض حدثا دون حدث، وقد قال الأبياني: فيمن بجوفه علة وهو شيخ يستنكحه الريح إنه كالبول، وسئل اللخمي عن رجل إن توضأ انتقض وضوؤه وإن تيمم لم ينتقض فأجاب بأنه يتيمم. ورده ابن بشير بأنه قادر على استعمال الماء وما يرد عليه يمنع كونه ناقضا انتهى. واقتصر ابن عرفة على كلام اللخمي ولم يحك خلافه ذكره في نواقض الوضوء. وحكى في الشامل في ذلك عن المتأخرين. قولين.
ولفظ اللخمي في تبصرته: وقد سئلت عن رجل إن توضأ لم تسلم له صلاته حتى تنتقض طهارته، وإن تيمم لم يحدث به شئ حتى يتم صلاته، ورأيت أن صلاته بالتيمم أولى ذكره في نواقض الوضوء.
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست