وندب إن طال) ش: لما فرغ من الكلام على القسم الأول من نواقض الوضوء وهو الاحداث، شرع في الكلام على القسم الثاني وهو الأسباب وتقدم الكلام عليه لغة وشرعا، وأن المراد به هنا هو ما أدى إلى خروج الحدث. قال ابن الحاجب: وهو ما نقض بما يؤدي إليه. قال ابن راشد: يعني أنه غير ناقض في نفسه وإنما ينقض لأنه يؤدي إلى الحدث. وقال ابن عبد السلام:
هذا التعريف وقع بحكم من أحكام المحدود وهو مجتنب في التعريفات، ولو قال وهو ما كان مؤديا إلى خروج الحدث لكان أبين. ونقله في التوضيح وقال: لكان أحسن مكان أبين. وحصر المصنف الأسباب في ثلاثة أشياء: زوال العقل ولمس من يشتهي ومس الذكر. وكذلك فعل ابن الحاجب. قال في التوضيح: قال ابن هارون: ترد عليه الردة ورفض الوضوء والشك فإنه لم يذكرها في الاحداث ولا في الأسباب، ولعله قصد حصر المتفق عليه انتهى. يعني كلام ابن هارون. قال في التوضيح: وقد يقال لا نسلم أن هذه الأشياء نواقض لأنها ليست أحداثا ولا تؤدي إلى خروج الحدث وإنما يجب الوضوء عند من أوجبه بها المعنى آخر والله أعلم انتهى.
يعني والله أعلم أن الردة إنما توجب الوضوء لأنها تحبط الأعمال ومن جملتها الوضوء، والرفض إنما يبطله لوقوع الخلل في النية والشك في الحدث إنما يوجبه لان الصلاة في الذمة بيقين فلا يبرأ منها إلا بالاتيان بها بيقين، والطهارة شرط فيها والشك في حصول الشرط يوجب الشك في حصول المشروط والله تعالى أعلم. وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن زوال العقل بغير النوم لا يفصل فيه كما يفصل في النوم وهو ظاهر المدونة والرسالة. قال في المدونة: ومن نام جالسا أو راكبا الخطوة ونحوها فلا وضوء عليه، وإن استثقل نومه وطال ذلك فعليه الوضوء، ونومه راكبا قدر ما بين العشاءين طويل ولا وضوء على من عام محتبيا في يوم جمعة وشبهها لأنه لا يثبت. قال أبو هريرة: ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم وضوء، قال ابن شهاب: السنة فيمن نام راكبا أو ساجدا أن عليه الوضوء. قال ابن وهب: قال ابن أبي سلمة: من استثقل نوما على أي حال كان فعليه الوضوء. ثم قال: ومن خنق قائما أو قاعدا توضأ ولا غسل عليه، ومن فقد عقله بإغماء أو سكر أو جنون توضأ انتهى. وقال في الرسالة:
ويجب الوضوء من زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر أو تخبط جنون. وقال ابن عبد السلام: فالأول زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر. ولم يتعرض يعني ابن الحاجب لكيفية نقضها في طول أو قصر، وذلك يدل على أنها ناقضة مطلقا وهو الحق خلافا لبعضهم انتهى.
وقال ابن بشير: والقليل في ذلك كالكثير انتهى. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة: ظاهر كلامه أن الجنون والاغماء حدثان لكونه لم يشترط فيهما الثقل كما اشترطه في النوم وهو كذلك. قاله مالك وابن القاسم: ونقل اللخمي عن عبد الوهاب أنهما سببان. وخرج على