مما تقدم ذكره فإن حصل به إنقاء أجزأ، وإن لم يحصل به إنقاء لم يجز. ثم ذكر مسألتين:
إحداهما أنه إذا استجمر بيده وأنقى أن ذلك يجزئه، والثانية أنه إذا استجمر بدون الثلاث وأنقى أنه يجزئه. فأما المسألة الأولى وهي ما إذا استجمر بما لا يجوز الاستجمار به، فذكر ابن الحاجب فيها قولين ونصه: فلو استجمر بنجس أو ما بعده ففي إعادته في الوقت قولان، أي ما ذكر بعد النجس من ذي الحرمة والروث، والقول بإعادته في الوقت لأصبغ، والقول بعدم الإعادة لابن حبيب، قاله صاحب البيان. ثم قال في التوضيح: ويشكل القول بعدم الإعادة فيما إذا استجمر بنجس، وقد يقال هو مبني على القول بأن إزالة النجاسة مستحبة انتهى.
قلت: ينبغي أن يكون الخلاف فيما عد النجس، فقد صرح القاضي عياض بأن الاستجمار بالنجس لا يظهر ولا يعفى عنه، ذكره في الاكمال في كتاب الطهارة في باب النهي عن الاستنجاء باليمين. وقال في الطراز فيمن استجمر بعظم أو روث وأنقى أجزاه خلافا للشافعي. ثم قال: فإن بقي في المحل شئ من ذلك مثل عظم الميتة الرطب تبقى رطوبته أو روث يتفتت، فهذا لا يجزئه ويؤمر بغسل المحل من تلك النجاسة لأنها نجاسة طارئة عليه، وقاله أصحاب الشافعي انتهى. ونقله في الذخيرة ونصه: قال صاحب الطراز: إن علقت رطوبة الميتة أو تفتتت الروثة على المحل تعين الغسل انتهى.
قلت: يعني أنه يتعين غسل المحل بالماء ولا يكفي الاستجمار ولو استجمر بعد ذلك بشئ طاهر. وقال في البيان في رسم سن إثر كلامه المتقدم: وإن استنجى بما فيه رطوبة من النجاسات أعاد في الوقت قولا واحدا انتهى. وقوله يعيد في الوقت يريد إذا صلى بذلك ناسيا، أما إذا تعمد ذلك فليعد أبدا والله تعالى أعلم.
قلت: ومثل الاستنجاء بالنجس الاستجمار بالمبلول فإنه ينشر النجاسة والله تعالى أعلم.
تنبيهان: الأول: لا يقال قول المصنف فإن أبقت ظاهره أنه يعود للجميع حتى النجس والمبلول لأنا نقول: قد تقرر أن النجس والمبلول لا يحصل بهما إنقاء فلا يدخلان في كلام المصنف.
الثاني: قال الشيخ زروق بعد أن ذكر شروط الشئ الذي يستجمر به: وهذا كله إذا قصد الاستجمار الشرعي وإلا اتقى ما له حرمة وإذاية ونحوهما انتهى. يعني أنه إذا قصد إزالة عين النجاسة من المحل ليغسلها بعد ذلك فيزيلها بكل ما يمكن أن تزال به مما ليس له