ويستفرغ جهده على ما يرى أن حاله يقتضيه من إطالة أو إقصار. قال في شرح غريبه: ينتر يجذب. قال الليث: النتر جذب فيه قوة ويريد أن الأصل فيه كذا، ومنه الحديث إذا بال أحدكم فلينتر ذكره أي يجذبه انتهى. وقوله يريدان الأصل فيه كذا كأنه يشير - والله تعالى أعلم - إلى أن النتر معناه في الأصل الجذب بقوة، ولكن المأمور به في الاستبراء إنما هو النتر الخفيف فتأمله والله تعالى أعلم. ومقتضى كلامه أن السلت والنتر واجبان وهو الذي يقتضيه كلام غير واحد من أهل المذهب خلاف ما يقتضيه كلام القباب السابق. قال في النوادر:
من المختصر وليس على الذي يستبرئ من البول أن ينتفض ويتنحنح ويقوم ويقعد ولا يمشي ويستبرئ ذلك بأيسره بالنفض والسلت الخفيف. قال ابن القاسم عن مالك في العتبية الذي يكثر السلت ويقوم ويقعد: ليس ذلك بصواب انتهى. وقال ابن عرفة الجلاب: الاستبراء إخراج ما بالمحلين من أذى واجب مستحق، وروي بالنفض والسلت الخفيفين باليسرى انتهى.
وقال في المدخل: لا يسلت ذكره إلا برفق، فإن ذلك يؤدي إلى أن يصلي بالنجاسة لان المحل كالضرع طالما أنت تسلته يعطي فيكون ذلك سببا لعدم التنظف انتهى. اللخمي: من عادته احتباسه فإذا قام نزل منه وجب أن يقوم ثم يقعد فإن أبى نقض وضوءه ما نزل منه بعده. مالك ربيعة أسرع امرأ وضوءا وأقله لبثا في البول، وابن هرمز يطيلهما ويقول: مبتلى لا تقتدوا بي. وقال في المدخل: يتفقد نفسه في الاستبراء فيعمل على عادته، فرب شخص يحصل له التنظيف عند انقطاع البول عنه، وآخر لا يحصل له ذلك إلا بعد أن يقوم ويقعد، وذلك راجع إلى اختلاف الناس في أمزجتهم وفي مآكلهم واختلاف الأزمنة عليهم، فقد يتغير حاله بحسب اختلاف الامر عليه وهو يعهد من نفسه عادة فيعمل عليها فيخاف عليه أن يصلي بالنجاسة، أو يتوسوس في طهارته فيكون يعمل على ما يظهر له في كل وقت من حال مزاجه وغذائه وزمانه، فليس الشيخ كالشاب ولا من أكل البطيخ كمن أكل الخبز وليس الحر كالبرد انتهى. وقال: إذا استنجى فليكن الاناء بيده اليمنى ليسكب بها الماء، ويده اليسرى على المحل يعركه ويواصل صب الماء ويبالغ في التنظيف خيفة أن يبقى معه شئ من الفضلات فيصلي بالنجاسات، وعذاب القبر من هذا الباب. قال: ويحذر أن يدخل أصبعه معه فإنه من فعل أشرار الناس وهو منهي عنه لأنه يفعل بنفسه وذلك حرام انتهى. وقول الرسالة وليس عليه غسل ما بطن من المخرجين قال الشيخ زروق: يعني ولا له ذلك لأنه يضر به ويشبه اللواط في الدبر والسحق في حق المرأة، وهو من فعل المبتدعة. وفي السليمانية في استنجاء المرأة أنها تغسل قبلها كغسل اللوح ولا تدخل يديها بين شفريها كما تفعل من لا دين لها من النساء انتهى.
فروع: الأول: قال في المدخل: إذا قام يستبرئ فلا يخرج بين الناس وذكره في يده وإن كانت تحت ثوبه فإن ذلك شوهة ومثلة، وكثيرا ما يفعل بعض الناس هذا وقد نهى عنه،