وغائط كما صرح به في المدونة، وظاهر كلام المصنف أن البول والغائط يجوز في المنزل مستقبل القبلة ومستدبرها، سواء كان في مرحاض أم لا، وسواء كان بينه وبين القبلة ساتر أم لا، وهو ظاهر المدونة. قال في تهذيب البراذعي: ولا يكره استقبال القبلة واستدبارها لبول أو غائط والمجامعة إلا في الفلوات. وأما في المدائن والقرى والمراحيض التي على السطوح فلا بأس به وإن كانت تلي القبلة. قال في التنبيهات: ظاهر الكتاب في استقبال القبلة واستدبارها في المدائن والقرى، والجواز في المراحيض وغيرها من غير ضرورة لقوله إنما عنى بذلك الصحارى والفيافي ولم يعن المدائن والقرى، لدليل جواز مجامعة الرجل زوجته إلى القبلة ولا مشقة في الانحراف عنها وهو تأويل اللخمي، وإلى هذا كان يذهب شيخنا أبو الوليد خلاف ما قاله في المجموعة إنما ذلك في الكنيف للمشقة ونحوه في المختصر. وقيل: إنما جاز ذلك في السطح إذا كان عليه جدار انتهى. وقال عبد الحق في التهذيب: قال مالك في المختصر: ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول ولا غائط في الفلاة والسطوح التي يقدر على الانحراف فيها. قال الشيخ: لم يشترط في المدونة السطوح وما شرط في هذا بل أباح ذلك في السطوح مجملا. وقال بعض شيوخنا من أهل بلدنا: لا يجوز أن يتغوط مستقبل القبلة ولا مستدبرها في سطح ولا يحيط به جدر وذلك كالفيافي وقال: إنه منصوص هكذا وإنه ليس بخلاف للمدونة، وإنما تحمل مسألة المدونة على سطح يحيط به جدر، وهذا عندي لا معنى له، ولا فرق عندي بين سطح مستور وغيره، ومثل ذلك ذكر عن أبي عمران انتهى. إذا علم ذلك فإن كان مرحاض وساتر فلا خلاف في الجواز كما صرح بذلك ابن بشير ونقله المصنف في التوضيح وابن عرفة وابن ناجي، وإذا كان مرحاض ولم يكن عليه ساتر فحكى ابن عرفة فيه طريقين: الأولى للمازري في المعلم يجوز ذلك اتفاقا قال: وقبله عياض في الاكمال. والثانية لعبد الحق في التهذيب أنه يجوز. قال: وقول بعض شيوخنا: لا يجوز، وزعمه أنه منصوص موافق لها، بعيد انتهى. يشير إلى ما تقدم وهما التأويلان اللذان أشار إليهما المصنف بقوله: وأول بالساتر وبالاطلاق. واعترض ابن عرفة على عياض بأن قبل في الاكمال كلام المازري وقبل في التنبيهات كلام عبد الحق في التهذيب، وتحصل من هذا أن الجواز هو المذهب إما اتفاقا أو على الراجح، وهو الذي اختاره صاحب الطراز. فإن كان هناك ساتر ولم يكن مرحاض ففيه قولان، ذكرهما المازري في المعلم ونقلهما عنه الآبي وغيره، ونص كلاما لأبي عنه: واختلف في جواز ذلك في المدن بساتر دون مرحاض،
(٤٠٤)