مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٤٣
يستبيح لأنه نوى أن يكون على أكمل الحالات فنيته مستلزمة لرفع الحدث عنه انتهى بلفظه.
تنبيهات الأول: ظاهر كلامهم أنه إذا نوى الوضوء للنوم أو لقراءة القرآن ظاهرا أو لتعليم العلم وفعل هذه الأشياء، يحصل له ثواب من فعلها على طهارة وعندي في ذلك نظر لأنهم يقولون: إنه محدث كما تقدم. وصرح بذلك المازري وهو ظاهر من كلامهم، ومن هنا يظهر لك وجه القول الثاني. وهو أن المتوضئ قصد أن يأتي بذلك الفعل على طهارة، ومن لازم ذلك ارتفاع الحدث وإلا لم يكن على طهارة ولهذا قال ابن عبد السلام: الظاهر الاجزاء لان المقصود من هذا الوضوء رفع الحدث وإلا فلا فائدة فيه انتهى.
الثاني: لا يقال في قول المصنف استباحة ما ندبت له مسامحة، لأنه الاستباحة إنما تستعمل فيما كان ممنوعا منه، وما ندبت له الطهارة لم يكن المكلف ممنوعا منه لأنا نقول:
هو ممنوع منه على جهة الندب والله تعالى أعلم. ص: (أو قال إن كنت أحدثت فله) ش:
قال ابن غازي: يعني أن من تطهر وقال: إن كنت أحدثت فهذا الطهر لذلك الحدث، ثم تبين أنه كان محدثا فإنه لا يجزيه. رواه عيسى عن ابن القاسم وقال عيسى: من رأيه يجزيه.
وقال الباجي: أما على القول بوجوب غسل الشاك فيجزيه اتفاقا، وأما على استحبابه فالقولان، ونحوه لأبي إسحاق التونسي وعبد الحق. وقال ابن عرفة: لعل سماع عيسى في الوهم لا الشك والظن باق في الأول لا الثاني، وكذا قال اللخمي: من شك هل أجنب أم لا، اغتسل ويختلف هل ذلك واجب أو استحباب؟ فمن أيقن بالوضوء وشك في الحدث فإن اغتسل ثم ذكر أنه كان جنبا أجزاه غسله ذلك وهو بمنزلة من شك هل أحدث أم لا فتوضأ ثم ذكر أنه كان محدثا، وبمنزلة من شك في الظهر فصلاها ثم تبين أنه لم يكن صلاها فإن صلاته تلك تجزيه، وإن قال أتخوف أن أكون أجنبت وليس بشك عنده إلا أنه يقول: يمكن أن يكون ونسيت، لم يكن عليه غسل فإن اغتسل ثم ذكر أنه كان جنبا اغتسل ولم يجزه الغسل الأول انتهى. وقد ظهر من هذا أن الرواية إن كانت في الشك فهي
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست