واحد من شيوخه أن حكمه حكم من عجز ماؤه إن طال طلبه للماء ابتدأ جميع طهارته، ونقله في التوضيح واقتصر عليه، وحكى عبد الحق في تهذيب الطالب له قولين: أحدهما للأبياني أنه يبني مطلقا، وجد الماء قريبا أو بعيد، إذا لم يفرط ومضى مبادرا. والثاني ما تقدم عن النكت ونصه بعد ما ذكر كلام الأبياني. وقد ذكرت في كتاب النكت خلاف هذا عن غير واحد من شيوخنا، وأنه كمن عجز ماؤه في ابتداء طهارته لا فرق بين ذلك، وفي الواضحة لابن حبيب مثل الذي حكيته عن شيوخنا. ثم رد على الأبياني وبالغ في ذلك وأطال. وذكر القولين صاحب الطراز وذكرهما ابن عرفة إلا أنه عزاهما للأبياني وشيوخ عبد الحق وكذلك ابن ناجي ولم يعزواه للواضحة كما ذكر عبد الحق.
فرع: فإن نسي عضوا أو لمعة ثم ذكر ذلك ثم نسي فهل يبني في النسيان الثاني كالأول أم لا؟ قولان ذكرهما الجزولي والشيخ يوسف بن عمر. وقال ابن ناجي: ظاهر المدونة أنه لا يعذر بالنسيان الثاني. قال في المدونة: ومن ترك بعض مفروض الوضوء أو بعض الغسل أو لمعة عامدا حتى صلى أعاد الوضوء والغسل والصلاة، فإن ترك ذلك سهوا حتى طاول غسل ذلك الموضع فقط وأعاد الصلاة فإن لم يغسله حين ذكره استأنف الغسل أو الوضوء. قال ابن ناجي: ظاهره ترك ذلك بعد ذكره ناسيا أو عامدا، فلم يعذر بالنسيان الثاني ومثله في الصيام المتتابع إذا أفطر ناسيا فإنه يقضيه ويصله بآخر صومه، فإن لم يصله ابتدأ ظاهره ولو سهوا، ويعارضهما غسل النجاسة إذا رآها قبل الدخول في الصلاة ثم صلى ونسي أن يغسلها فهو كمن لم يرها. وأجيب بضعف النجاسة وقد قيل فيها بالفضيلة، وبأنه لا يجب غسلها عند رؤيتها بخلاف اللمعة فإن غسلها واجب فورا لذاتها ليصح الوضوء الذي هي منه. وكذلك الصوم. واعلم أن ما ذكرناه من عدم عذره بالنسيان الثاني خلاف فتوى ابن رشد في مسألة من صلى الخمس بوضوء وجب لكل صلاة ثم ذكر مسح رأسه من وضوء أحدهما أن يمسحه ويعيد الخمس، فإن أعاد الخمس ناسيا لمسح رأسه. قال ابن رشد: يمسحه ويعيد العشاء فقط.
وذكر هذه المسألة في الذخيرة عن سحنون، وهذا هو الظاهر والله تعالى, أعلم. وقال الجزولي والشيخ يوسف بن عمر: في عذره بالنسيان الثاني قولان قائمان من المدونة، أما القول بأنه لا يعذر به فيؤخذ من كلامه المذكور هنا، وأما القول بأنه يعذر به فيؤخذ من مسألة النجاسة.
فرع: إذا كانت اللمعة من مغسول الوضوء غسل موضعها ثلاثا، وكذلك إن نسي عضوا غسله ثلاثا، فإن كان ذلك بالقرب وأعاد ما بعده غسل ذلك مرة مرة، وإن ذكره بعد البعد غسل موضع اللمعة فقط ثلاثا. قاله عبد الحق في تهذيبه، والفاكهاني في شرح الرسالة، والجزولي والشيخ يوسف بن عمر والشبيبي. قال الجزولي: إلا أن يكون إنما غسل تلك الأعضاء أولا مرة مرة فإنه يعيدها مرتين مرتين.
فرع: إذا تحقق موضع اللمعة غسلها خاصة، وإن لم يتحقق موضعها غسل العضو كله.