على ذلك بعد أن أخذ من الماء قدر كفايته ثم غصبه أو أهريق جاز له أن يبني على ما مضى منه وإن بعد طلبه للماء. واختلف إذا فرقه ناسيا أو متعمدا، ثم ذكر الخلاف، وذكر صاحب الجمع عن ابن رشد أن من كان مجبرا على التفريق فإنه يبني وإن طال بلا خلاف ونصه التفريق للعذر له ثلاثة أحوال: الأول: أن يكون مجبرا ولا خلاف أعلمه أن له أن يبنى، وألحق به اللخمي من ابتدأ بماء كاف فأراقه له رجل أو غصب منه قال: فله أن يبني وإن طال ولم يحك فيه خلافا. الثاني: أن يفرق ناسيا وهذا يبني وإن طال. الثالث: أن يعجز ماؤه وقد ابتدأ بما ظنه كافيا، وهذا يبني فيما قرب دون ما بعد، ولا يبعد أن يعذر باجتهاده.
وذكر الزهري في قواعده عن ابن القصار نحو ذلك ونصه: قال ابن القصار: إن أعد من الماء ما يكفيه ثم غصب له أو أريق له أو أراقه هو من غير تعمد فإنه يبني على ما مضى وإن طال طلبه للماء. وقيل: يدخله الخلاف. وحكى في التوضيح عن ابن بزيزة في ذلك قولين، وأن المشهور البناء ونصه: قال ابن بزيزة: ذكر المتأخرون في العاجز ثلاث صور:
الأولى: أن يقطع أن الماء يكفيه.
الثانية: أن يقطع أن الماء لا يكفيه.
الثالثة: أن يشك في ابتداء وضوئه هل يكفيه أم لا؟ ففي كل صورة قولان: الابتداء والبناء، والمشهور في الأولى البناء، وفي الثانية والثالثة الابتداء. ووجه ذلك ظاهر انتهى. ونقله ابن ناجي. وقال ابن الفاكهاني: من أخذ من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب، سوى اللخمي بينه وبين الناسي. وظاهر كلام ابن الجلاب أو نصه خلاف هذا وهو الأظهر إذا النسيان يتعذر الانفكاك عنه بخلاف الغصب والاهراق فإنه نادر انتهى.
قلت: فظهر من هذا أن العاجز إذا أعد من الماء ما يكفيه ثم غصبه أو أهريق له أو إهراقه بغير تعمد أو أكره على التفريق، يبني وإن طال كالناسي بلا خلاف عند بعضهم كما يظهر من كلام اللخمي وابن راشد. وعند بعضهم على الراجح، فكان ينبغي للمصنف أن يستثني هذه الصورة أو يحكي فيها خلافا إن كان ترجح عنده كلام الباجي ومن وافقه في حمل كلام المدونة على إطلاقه. وحكى في الطراز عن التونسي ترددا في المسألة من غير أن يرجح أحد منهما شيئا.
تنبيه: استثنى الرجراجي من صور العجز الصورة الثانية، وهي ما إذا أعد من الماء ما لا يكفيه قطعا فإنه لا يبني، طال أو لم يطل، ونصه: وأما إن تعمد وأخذ ما لا يكفيه فلا يجوز له البناء، طال أو لم يطل، لأنه قد تعمد إلى تفريق الطهارة وهو ظاهر كلام المشذالي فإنه قال في قوله في المدونة: فعجز ماؤه يريد إذا أعد ما يكفيه وإلا ابتدأ.
قلت: وهذا هو الظاهر إلا أن يكون التفريق يسيرا مما يغتفر ابتداء والله تعالى أعلم. وقوله بجفاف أعضاء بزمن اعتدلا أي الأعضاء والزمان، وهذا بيان لحد الطول. وقد اختلف فيه،