أهل المذهب. قال الشيخ زروق: إنما يعيد ما يليه إذا كان بالقرب للترتيب والمشهور أن الترتيب بين الفرائض سنة، فلو ترك إعادة ما يليه لم يكن عليه شئ انتهى. وقال ابن بشير: لما تكلم على حكم من ترك سنة من سنن الوضوء أن السنن التي يتداركها ويأتي بها أربعة: المضمضة والاستنشاق ومسح داخل الاذنين والترتيب. ولا معنى لتداركه للترتيب إلا إتيانه لما فعله في محله. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة: وإعادة ما بعد المتروك مستحبة للترتيب انتهى. ونحوه للجزولي والشيخ يوسف بن عمر. والظاهر عندي أن مرادهم بالاستحباب ما يقابل الوجوب فهو شامل للسنة أي وليس مرادهم بالمستحب الذي هو أحط رتبة من السنة بدليل قوله:
للترتيب فتأمله. ومثل هذا يقال في إعادة ما بعد المنكس الآتي، ذكره وكلام ابن بشير وابن الحاجب يدل على ما ذكرناه.
الثاني: تقدم أنه يعيد ما بعد المنسي من مسنونات الوضوء. والذي يظهر لي أن ذلك إنما هو بحكم التبع للفرائض وإلا فسيأتي أن الترتيب بين السنن والفرائض مستحب وأنه لا يعيد لأجل ذلك فتأمله.
الثالث: ما وجه التفريق بين القرب والبعد وإعادة ما بعد المنسي في القرب وعدم الإعادة مع البعد. فسيأتي بيان ذلك في الكلام على الترتيب إن شاء الله تعالى. وقوله: بنية يعني إذا قلنا في النسيان يبني على ما تقدم فلا بد من نية، فلو حصل غسل العضو المنسي بلا نية لم يجزه ذلك حتى ينويه. قال في المدونة: ومن بقيت رجلاه من وضوئه فخاض بهما نهرا فدلكهما بيده فيه ولم ينو تمام وضوئه لم يجزه حتى ينويه. ابن يونس: معناه إنه كان نسي رجليه وظن أنه أكمل فلذلك احتاج إلى تجديد نية انتهى. وقوله مطلقا أي طال الفصل أو لم يطل. وقوله وإن عجز ما لم يطل لما ذكر حكم من نسي الموالاة ذكر حكم من تركها عجزا كمن عجز ماؤه وقام لطلبه فيبني ما لم يطل وظاهره سواء أعد من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب، أو ابتدأ الوضوء بما يظن أنه يكفيه فتبين عدم كفايته، وهو ظاهر المدونة عند الباجي وجماعة، واستظهره ابن الفاكهاني. قال في المدونة. ومن توضأ بعض وضوئه فعجز ماؤه فقام لطلبه فإن قرب بني وإن تباعد وجف وضوؤه ابتدأ وضوءه. قال عياض: ذهب بعض الشيوخ إلى أن معناه إنه لم يعد من الماء ما يكفيه فكان كالمفرط والمغرر، ولو أعد ما يكفيه فأهريق له أو غصب لكان حكمه كالناسي، وعلى هذا تحمل رواية ابن وهب أنه يبني إذا عجز وإن طال، وحمله الباجي على الخلاف. وقال غيره: وقد يحتمل أنهما سواء على قول من قال من أصحابنا إن الموالاة واجبة مع الذكر، وهذا إذا ذكر نقله في التوضيح.
قلت: وبعض الشيوخ الذي أشار إليه عياض هو اللخمي، فإنه لم يحك خلافا فيما إذا غضب منه الماء أو أهريق أنه يبني ولو طال ونصه: وينبغي موالاة الوضوء والغسل، فإن غلب