وقوله فرضا أو سنة يعني تغسل المفروض والمسنون كالمضمضة والاستنشاق. زاد في السليمانية قيل له: أفتوطأ هذه؟ قال: نعم. ونقلها ابن عرفة بلفظ ويصح وطؤها بنكاح وتعقبه عياض بأنهما أختان، ورده ابن عرفة بمنع ذلك لوحدة متعة الوطئ لاتحاد محله.
قلت: وانظر لو كان رجلا هل يجوز أن يتزوج أيضا امرأة؟ نظرا إلى اتحاد محل الوطئ أو يمنع ذلك لأنهما رجلان من فوق، ولا يجوز لرجلين أن يتزوجا امرأة واحدة فتأمله أيضا والله تعالى أعلم. ورأيت في تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة ثمان وخمسين وأربعمائة أن صبية ولدت لها رأسان ورقبتان ووجهان وأربع أيد على بدن واحد انتهى. وقال القزويني في عجائب المخلوقات في آخرها: روي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: دخلت بلدة من بلاد اليمن فرأيت بها إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن امرأة، ومن وسطه إلى فوق بدنان مفترقان بأربع أيد ورأسين ووجهين وهما يتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان ويأكلان ويشربان، ثم غبت عنهما سنتين ثم رجعت فقيل: أحسن الله عزائك في أحد الجسدين، توفي وربط من أسفله بحبل وثيق وترك حتى ذبل ثم قطع، فعهدي بالجسد الآخر في السوق جائيا وذاهبا انتهى.
فرع: قال في السليمانية: ومن خلق بلا يدين ولا رجلين ولا دبر ولا ذكر ويتغوط ويبول من سرته، يغسل مكان القذر ويفعل من فرائض الوضوء وسننه ما يتعلق بوجهه ورأسه خاصة، نقله ابن عبد السلام ونقله ابن عرفة بلفظ ومن لا يد له ولا رجل ولا دبر ولا ذكر وفضلته من سرته فهي كدبره وفرض اليد والرجل ساقط. فيفهم من قوله كدبره أنه إذا مسها لا ينتقض وضوؤه وهو ظاهر. ص: (بتخليل أصابعه) ش: كذا هو في النسخ التي رأيتها بالباء التي للمصاحبة يعني أن الفريضة الثالثة هي غسل يديه مع مرفقيه مع تخليل أصابعه وكأنه في نسخة البساطي بالواو فقال: مرفوع بالعطف على غسل، ويحتمل النصب على المعية انتهى.
قلت: والأقرب بأن يعطف على قوله بمرفقيه وما ذكره المصنف من وجوب تخليل أصابع اليدين هو المشهور. قال في التوضيح: ولم يختلف في طلب تخليل أصابع اليدين وإنما اختلف في الطلب هل هو واجب أو ندب قاله ابن رشد والمشهور الوجوب. قال في الذخيرة:
ظاهر المذهب الوجوب انتهى.
قلت: قوله لم يختلف في طلبه فيه نظر لما سيأتي. وعزا ابن عرفة القول بالوجوب لابن حبيب وبالاستحباب لابن شعبان. قال ابن راشد: والأول ينبني على وجوب التدلك، والثاني على عدم وجوبه، أو لأنها يحتك بعضها ببعض فأغنى ذلك عن التدلك.
تنبيه: قال ابن فرحون: حكى ابن الحاجب وابن شاس الوجوب والندب. وأما ابن بشير