وقد أطلت الكلام هنا لأن هذه الفروع يحتاج إليها والله أعلم ص: (ومسح ما على الجمجمة) ش: هذه الفريضة الثالثة من الفرائض المجمع عليها وهي مسح الرأس، والمشهور من المذهب أن مسح جميعه واجب فإن ترك بعضه لم يجزه. وقال ابن مسلمة: يجزئ الثلثان. وقال أبو الفرج: الثلث، وقال اشهب: تجزئ الناصية. وروي عنه أنه قال: إن لم يعم رأسه أجزأه وأطلق ولم يبين قدره. وقال ابن ناجي في شرح قول الرسالة، وكيفما مسح أجزأه إذا أوعب رأسه، ظاهر كلام الشيخ أنه إن ترك بعضه وإن قل لا يجزئه وهو كذلك عند مالك. ثم ذكر فيه بقية الأقوال ويصح في علي من قول المصنف ما على الجمجمة أن يكون فعلا ماضيا من العلو كقوله تعالى: * (إن فرعون علا في الأرض) * (القصص: 4) وعلى هذا فالجمجمة منصوبة على المفعولية، ولا يصح هنا أن تكون اسما لعدم دخول من عليها، وأن تكون حرف جر والجمجمة مجرورة بها، والجمجمة هي عظم الرأس المشتمل على الدماغ قاله الجوهري، وأفاد بقوله مسح ما على الجمجمة فائدتين: الأولى: أن الفرض مسح ما كان فوق الجمجمة من الشعر، إن كان ثم شعر، أو الجلد إن لم يكن هناك شعر، فالشعر هو الأصل في مسح الرأس بخلاف غسل الوجه فإنه فيه.
فرع: قال في الذخيرة في قوله تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم) * (المائدة: 6) إن راعينا الاشتقاق من الرأس وهو ما علا فيتناول اللفظ الشعر لعلوه والبشرة عند عدمه لعلوه من غير توسع ولا رخصة، وإن قلنا إن الرأس هو العضو فثم مضاف محذوف تقديره: امسحوا شعر رؤوسكم، فعلى هذا يكون مسح البشرة لم يتناوله النص، فيكون المسح عليها في عدم الشعر بالاجماع لا بالنص. وعلى كل تقدير يكون الشعر أصلا في الرأس فرعا في اللحية والأصل الوجه. والثاني: أن منتهى الرأس آخر الجمجمة وهذا هو المشهور. قال سند: وأما آخره فالمعروف من المذهب أنه منتهى الجمجمة حيث يتصل عظم الرأس بفقار العنق. وقال ابن شعبان: إلى آخر مبنت الشعر. وهو فاسد لأنه موضع مباين للرأس ولهذا لم يكن فيه موضحة كما في الرأس انتهى. ونحوه للخمي وتبعه ابن الحاجب فقال: ومبدؤه من مبدأ الوجه وآخره ما تحوزه الجمجمة. وقيل: منابت شعر القفا المعتاد، وقبله ابن عبد السلام وغيره من شراحه كابن هارون وابن راشد والآبي في شرح مسلم، عز والشاذ لابن شعبان ونحوه للقرافي