مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
تنبيه: يفهم من كلام الباجي أنه إذا أمكنه إيصال الماء إليه من غير ذلك وجب ذلك وهو كذلك. قال أبو الحسن الصغير: لو انتقبت كفه بسهم ونفذت واندملت نافذة لزمه غسل داخلها إن أمكنه وإلا أوصل الماء إليها، ولو اتصل طرفاها واندملت لم يكن عليه نقبها انتهى.
فرع: قال سند: لا خلاف بين أرباب المذاهب أنه لا يشرع غسل داخل العينين ويؤثر عن ابن عمر أنه كان يفعله حتى عمي.
قلت: واستحبه بعض الشافعية لفعل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قال الدميري:
وسائر الأصحاب على خلافه قال: وفعل ابن عمر. رواه البيهقي والله تعالى أعلم. وعن هذا احترز الشيخ في الرسالة ويمر يديه على ما غار من ظاهر أجفانه كما قاله الجزولي وقال: قال مالك: لا يلزمه ذلك لأنه يؤذي والله تعالى أعلم. ص: (ويديه بمرفقيه) هذه هي الفريضة الثانية وهي غسل اليدين مع المرفقين وهي ثابتة أيضا بالكتاب والسنة والاجماع والمرفق بفتح الميم وكسر الفاء، وبكسر الميم وفتح الفاء لغتان قرئ بهما، وهو آخر عظم الذراع المتصل بالمفصل، سمي بذلك لان المتكئ يرتفق به إذا أخذ براحته رأسه متكئا على ذراعيه، والباء في قوله بمرفقيه بمعنى مع أي الفريضة الثانية غسل اليدين مع المرفقين، وبهذا عبر غير واحد من أهل المذهب وعدلوا عن لفظ الآية إليها البيان وجوب دخول المرفقين في الغسل وهذا هو المشهور. وعليه ف إلى في الآية بمعنى مع كقوله تعالى * (وإذا خلوا إلى شياطينهم) * وقوله تعالى * (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) * (النساء: 2) أو تقول: اليد حقيقة من الأصابع إلى المنكب على المشهور وإلى للغاية والغاية إذا كانت جزءا من المغيا فهي داخلة، أو إلى غاية للمتروك أي اتركوا منها إلى المرافق. وقيل: إن لفظة اليد مشتركة بين معان ثلاث: من الأصابع إلى الكوع، ومن الأصابع إلى المرفق، ومن الأصابع إلى آخر العضد. وإنها مشتركة بين الكل والجزء، وعلى هذا فيكون في الآية إجمال. وإن قلنا: إلى بمعنى مع لاحتمال أن يريد غسل اليد إلى الكوع ثم يغسل المرفق ومثله يكون في كلام المصنف ومن شاركه في هذه العبارة. والاعتماد في ذلك على ما بينته السنة، ففي الصحيح عن أبي هريرة أنه غسل يديه حتى شرع في العضد، وقال: هكذا رأيت رسول الله (ص) توضأ. ومثله ما رواه البزار عن وائل بن حجر أنه عليه الصلاة والسلام غسل يديه حتى جاوز المرفق، وفعله (ص) مبين، فلما أدخل المرفقين دل على وجوب غسلهما. وقيل: إن المرفقين غير داخلين في الوجوب وإنما عليه أن يبلغهما. رواه ابن نافع عن مالك، وحكاه اللخمي عن أبي الفرج. وقيل: يدخلان لا
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست