مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
الثاني: قال ابن ناجي في شرح المدونة: ألحق صاحب الحلل بدم البراغيث دم البق والقمل، وظاهر المذهب خلافه لان الكثرة منهما تتقذر انتهى.
الثالث: ظاهر كلام المصنف أن دم البراغيث متى تفاحش يغسل وإن لم يكن نادرا بل في زمن هيجانه وهو ظاهر المدونة. قال ابن ناجي: وهو كذلك على ظاهر كلام الأكثر. وقال ابن الحاجب: وعن دم البراغيث غير المتفاحش النادر ومثله لابن شاس فجعلا أنه إذا كان في زمن هيجانه معفوا وإن تفاحش انتهى.
قلت: وقال المصنف رحمه الله تعالى في التوضيح: أكثر الناس لم يذكروا القيد الأخير.
فائدة: قال ابن ناجي رحمه الله تعالى في شرح الرسالة والمدونة: ثمانية أثواب لا يؤمر بغسلها إلا مع التفاحش: ثوب دم البراغيث والمرضع وصاحب السلس وصاحب البواسير والجرح السائل والقرحة وثوب الغازي الذي يمسك فرسه في الجهاد وثوب المتعيش في سفره بالدواب، نقله الباجي انتهى. ص: (ويطهر محل النجس بلا نية بغسله) ش: لما قدم حكم إزالة النجاسة وما يعفى عنه، تكلم الآن في كيفية إزالة ما لا يعفى عنه وبماذا تكون، ومعنى كلامه أن محل النجاسة سواء كان بدنا أو ثوبا أو أرضا أو غير ذلك إذا أريد تطهيره إنما يطهر بغسله ولا يطهر بغير الغسل وما تقدم في الخف والنعل والرجل من أرواث الدواب وأبوالها والسيف الصقيل من الدم وموضع الحجامة، وكذلك الاستجمار في المخرجين والثوب الصقيل على مقابل المشهور، فإنما ذلك في العفو عن محله وإلا فالمحل محكوم عليه بالنجاسة بعدها ولا يطهر إلا بغسله، والغسل في كل نجاسة بحسبها. قال ابن العربي في العارضة لنجاسة إما حكمية أو عينية، فالحكمية يكفي فيها ورود الماء على المحل والعينية لا بد من إزالة عينها. وقال في موضع آخر: النجاسة على قسمين: نجاسة كلون الماء وهي البول والمذي ونحوهما فيجب أن يكاثر بالماء خاصة: إذ ليس لها عين تزال فكف من ماء على ما ورد في الحديث أكثر من نقطة من مذي. ونجاسة تخالف لون الماء فيلزم صب الماء حتى تذهب عينها، وقال في الحديث حديث بول الغلام وقوله: فنضحه ولم يغسله أي صب عليه الماء بدليل قوله: فأتبعه الماء وإنما سقط العرك لأنه لا يحتاج إليه فإن الرجل الكبير لو بال على ثوبه وأتبعه ماء لكان ذلك تطهيرا للمحل كاملا. قال في حديث بول الأعرابي في المسجد إذا استقرت النجاسة على الأرض صب عليها من الماء ما يغمرها ويستهلك البول فيها بذهاب رائحته ولونه وتطهر الأرض النجسة بذلك. قال الهروي: لا تطهر إلا بأن تحفر ويجعل على ظاهرها تراب طاهر، وليس الذنوب تقديرا وإنما هو بحسب غلبة الماء وغيره للنجاسة واستهلاكها فيه، وإذا بال رجلان في موضع كفى ذنوب واحد. وقال الإصطخري: لكل رجل ذنوب وهو باطل ولو أهريق على الموضع ماء أو جاء عليه مطهر طهر، لان إزالة النجاسة لا تفتقر لنية انتهى. وقال ابن فرحون:
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست