مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
وأما إذا كثرت كالجرب فإنه مضطر إلى نكئها انتهى. ونقله في التوضيح وقبله: وقال ابن ناجي رحمه الله تعالى وما زال شيخنا يقول: ليس مختصا به بل سبقه إليه عياض ولم أجده انتهى.
قلت: ذكره الشيخ أبو الحسن ونصه: الحكة وما يكون من الدمامل والقروح بمنزلة القرحة التي لا تكف وإن كان دم ذلك إنما يسيل بالحك لكن لا يستطيع من به ذلك ترك الحك وتركه عليه مشقة انتهى.
تنبيهان: الأول: ظاهر كلامه أن الدمل إذا لم تنكأ يعفى عن أثرها مطلقا، سواء كان ما يخرج منها متصلا أو مرة بعد مرة، ويمكن الاحتراز منه أم لا، وعلى ذلك حمله الشارح وهو ظاهر كلام ابن الحاجب الأول فإنه قال: وعفي عما يعسر كالجرح يمصل والدمل في الثوب والجسد بخلاف ما ينكأ فإنه يغسل، وظاهر كلامه ثانيا قبل الكلام على الرعاف أنه إنما يعفى عن أثرها إذا لم تنكأ قال: ولو سالت قرحته أو نكأها تمادى إلا أن يكون كثيرا إلا أن تمصل بنفسها ولا تكف فيدرأها بخرقة. قال في التوضيح: ظاهر كلامه أنه يتمادى إذا مصلت بنفسها بشرط أن لا تكف، وأما لو رجا الكف لقطع وإن سالت بنفسها، وهذا كما قال في المدونة وذكر لفظها المتقدم. وقال الباجي: خروج الدم من الجرح على وجهين: أحدهما أن يكون خروجه متصلا غير منقطع فعلى المجروح أن يصلي على حالته ولا تبطل بذلك صلاته لأنها نجاسة لا يمكنه التوقي منها، وليس عليه غسلها إل إذا كثرت وتفاحشت فإنه يستحب له غسلها. الثاني أن لا يتصل خروجه وأمكن التوقي من نجاسته ودمه، فإن انبعثت في الصلاة بفعل المصلي أو بغير فعله فإنه يقطع الصلاة لنجاسة جسمه وثوبه فليغسل ما به الدم ثم يستأنف الصلاة لأن هذه نجاسة يمكن التوقي منها للصلاة انتهى. وهو ظاهر كلام صاحب الطراز. وقال ابن عرفة: وعفي عما يشق وفيها لا يغسل دم قرحة تسيل دون إنكاء ومتفاحشه يستحب غسله. الباجي: إن لم يتصل سيله وأمكن التوقي منه قطع له الصلاة ولو سال بنفسه انتهى. وقال ابن عبد السلام رحمه الله تعالى في شرح كلام ابن الحاجب: الثاني ظاهر كلامه أنه لا يتمادى إلا بشرط أن لا ينكف، وأما لو كان كثيرا ورجا الكف لقطع وإن سالت بنفسها وهو بعيد انتهى. فكلام ابن عبد السلام هذا موافق لظاهر المصنف لكنه مخالف لما تقدم، وينبغي أن لا يحمل ذلك على الخلاف فيحمل كلام المصنف وكلام ابن الحاجب على الأول على ما إذا أعسر الاحتراز منه سواء اتصل أو كان وقتا بعد وقت ولم ينضبط وتكرر وشق الاحتراز منه وبه يفسر قوله في المدونة: لا تكف تمصل وقول الباجي أحدهما أن يكون خروجه متصلا أي متكررا بحيث يشق الاحتراز منه، ويحمل قول الباجي الثاني أن لا يتصل خروجه على ما إذا كان خروج ذلك مرة واحدة أو تكرر ولم يشق الاحتراز منه كما لو خرج بعد يوم أو يومين مرة، ويرشد إلى هذا قوله: وأمكن التوقي من نجاسته وقد قال في المسألة الحادية عشر من سماع أشهب من كتاب الصلاة في الدمل ينفقع وهو في الصلاة: إنه إن كان يسيرا فليصل، وإن كان كثيرا
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست